تفسير سورة النبأ
وهي مكّيّة بإجماع
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(عَمَّ يَتَساءَلُونَ (١) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (٢) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ)(٣)
قوله عزوجل : (عَمَّ يَتَساءَلُونَ) أصل «عم» : «عن ما» ثمّ أدغمت النون بعد قلبها [في الميم لاشتراكهما في الغنّة] فبقي «عما» في الخبر وفي الاستفهام ، ثم حذفوا الألف في الاستفهام فرقا بينه وبين الخبر ، ثم من العرب من يخفف الميم فيقول : «عم» ، وهذا الاستفهام ب «عم» استفهام توقيف وتعجيب ، و (النَّبَإِ الْعَظِيمِ) قال ابن عبّاس وقتادة : هو الشّرع الذي جاء به محمّد صلىاللهعليهوسلم (١) ، وقال مجاهد : هو القرآن (٢) خاصة ، وقال قتادة أيضا : هو البعث من القبور (٣) ، والضمير في : (يَتَساءَلُونَ) لكفار قريش ومن نحا نحوهم ، وأكثر النحاة أن قوله : (عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ) متعلق ب (يَتَساءَلُونَ) ، وقال الزجاج : الكلام تامّ في قوله : (عَمَّ يَتَساءَلُونَ) ثمّ كان مقتضى القول / أن يجيب مجيب فيقول : يتساءلون عن النبأ العظيم ، وله أمثلة في القرآن اقتضاها إيجاز القرآن وبلاغته ، واختلافهم هو شكّ بعض وتكذيب بعض ، وقولهم : سحر وكهانة إلى غير ذلك من باطلهم.
(كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ (٤) ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ (٥) أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً (٦) وَالْجِبالَ أَوْتاداً)(٧)
وقوله تعالى : (كَلَّا سَيَعْلَمُونَ) ردّ على الكفار في تكذيبهم ووعيد لهم في المستقبل ، وكرّر عليهم الزّجر والوعيد تأكيدا ، والمعنى : سيعلمون عاقبة تكذيبهم ، ثم وقفهم تعالى ودلّهم على آياته ، وغرائب مخلوقاته ، وقدرته التي توجب للناظر فيها ؛ الإقرار بالبعث والإيمان بالله تعالى ، * ت* : وفي ضمن ذلك تعديد نعمه سبحانه التي يجب
__________________
(١) ذكره ابن عطية (٥ / ٤٢٣)
(٢) ذكره ابن عطية (٥ / ٤٢٣) ، والبغوي (٤ / ٤٣٦) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٤٦٢) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٩٨) بنحوه.
(٣) أخرجه الطبري (١٢ / ٣٩٦) ، (٣٦٠٠٠) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٤٢٣) ، والبغوي (٤ / ٤٣٦) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٤٦٢)