تفسير سورة «التّكوير»
[وهي] مكّيّة بإجماع
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (١) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (٢) وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ (٣) وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ (٤) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ)(٥)
قوله سبحانه : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) هذه كلّها أوصاف يوم القيامة ، وتكوير الشمس هو أن تدار كما يدار كور العمامة ويذهب بها إلى حيث شاء الله ـ تعالى ـ ، وعبّر المفسرون عن ذلك بعبارات ؛ فمنهم من قال : ذهب نورها ؛ قاله قتادة (١) ، ومنهم من قال : رمي بها ؛ قاله الربيع بن خثيم (٢) وغير ذلك مما هو أسماء توابع لتكويرها ، ، وانكدار النجوم هو انقضاضها وهبوطها من مواضعها ، وقال ابن عبّاس : انكدرت : تغيّرت من قولهم ماء كدر (٣) و (الْعِشارُ) : جمع عشراء وهي الناقة التي قد مرّ لحملها عشرة أشهر ، وهي أنفس ما عند العرب ، وإنما تعطّل عند أشدّ الأهوال.
(وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ (٦) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (٧) وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (٩) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (١٠) وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ (١١) وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (١٢) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (١٣) عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ)(١٤)
(وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) قال أبيّ بن كعب وابن عبّاس وغيرهما : / معناه أضرمت نارا ، كما يسجر التّنّور (٤) ، ويحتمل أن يكون المعنى ملكت وقيّدت ، فتكون اللفظة مأخوذة
__________________
(١) أخرجه الطبري (١٢ / ٤٥٧) (٣٦٤٠٢) ، وذكره البغوي (٤ / ٤٥١) ، وابن عطية (٥ / ٤٤١) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٤٧٥) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٢٦) ، وعزاه لعبد بن حميد ، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه.
(٢) أخرجه الطبري (١٢ / ٤٥٧) (٣٦٤١٠) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٤٤١) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٤٧٥)
(٣) أخرجه الطبري (١٢ / ٤٥٨) (٣٦٤١٧) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٤٤١) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٤٧٥)
(٤) أخرجه الطبري (١٢ / ٤٦٠) ، عن أبي بن كعب ، برقم : (٣٦٤٣٢) وعن ابن عبّاس برقم : (٣٦٤٣٤) ، وذكره البغوي (٤ / ٤٥١) ، وابن عطية (٥ / ٤٤٢) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٤٧٦) بنحوه.