تفسير سورة «البروج»
وهي مكّيّة بإجماع
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ (١) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (٢) وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ)(٣)
الجمهور : أنّ «البروج» هي المنازل التي عرفتها العرب ، وقد تقدم الكلام عليها ، (وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ) : هو يوم القيامة باتفاق ؛ كما جاء في الحديث ، وإنما اختلف الناس في الشاهد والمشهود اختلافا كثيرا ، فقال ابن عبّاس : الشاهد : الله / والمشهود : يوم القيامة (١) ، وقال الترمذيّ : الشاهد : الملائكة الحفظة ، والمشهود [أي] عليه : الناس ، وقال أبو هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم : الشاهد يوم الجمعة ، والمشهود يوم عرفة ، * ت* : ولو صحّ لوجب الوقوف عنده.
(قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ (٤) النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ (٥) إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ (٦) وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (٧) وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٨) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)(٩)
وقوله تعالى : (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ) معناه فعل الله بهم ذلك ؛ لأنّهم أهل له ؛ فهو على جهة الدعاء بحسب البشر ، لا أنّ الله يدعو على أحد ، وقيل عن ابن عبّاس : معناه لعن وهذا تفسير بالمعنى ، وقال الثعلبي : قال ابن عبّاس : كل شيء في القرآن (قُتِلَ) فهو : لعن ، انتهى (٢) ، وقيل : هو إخبار بأنّ النار قتلتهم ؛ قاله ابن الربيع بن أنس (٣) ، ـ ص ـ : وجواب القسم محذوف أي : والسماء ذات البروج لتبعثنّ ، وقال المبرد : الجواب : (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ) ، وقيل الجواب : (قُتِلَ) واللام محذوفة أي : لقتل ، وإذا كان (قُتِلَ)
__________________
(١) أخرجه الطبري (١٢ / ٥٢٢) ، (٣٦٨٦٤) ، وذكره البغوي (٤ / ٤٦٧) ، وابن عطية (٥ / ٤٦٠) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٥٣) ، وعزاه لابن جرير.
(٢) ذكره ابن عطية (٥ / ٤٦١)
(٣) ذكره ابن عطية (٥ / ٤٦١)