تفسير سورة «الأعلى»
وهي مكّيّة في قول الجمهور
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى (٣) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى (٤) فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى) (٥)
(سَبِّحِ) في هذه الآية بمعنى : نزّه وقدّس وقل : جلّ سبحانه عن النقائص والغير جميعا ، وروى ابن عبّاس أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان إذا قرأ هذه الآية ، قال : «سبحان ربّي الأعلى» (١) ، وكان ابن مسعود وابن عمر وابن الزبير يفعلون ذلك ، ولما نزلت قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «اجعلوها في سجودكم» (٢) ، وعن سلمة بن الأكوع قال : ما سمعت النبيّ صلىاللهعليهوسلم يستفتح دعاء إلّا استفتحه ب «سبحان ربّي الأعلى الوهّاب» (٣) رواه الحاكم في «المستدرك» ، وقال : صحيح الإسناد ، انتهى من «سلاح المؤمن».
و «سوّى» معناه : عدّل وأتقن.
وقوله : (فَهَدى) عامّ لوجوه الهدايات في الإنسان والحيوان ، وقال الفراء : معناه هدى وأضلّ ؛ والعموم في الآية أصوب ، و (الْمَرْعى) : النبات ، و «الغثاء» : ما يبس وجفّ وتحطّم من النبات ؛ وهو الذي يحمله السيل ، و «الأحوى» قيل هو الأخضر الذي عليه سواد من شدّة الخضرة والغضارة ، فتقدير الآية : الذي أخرج المرعى أحوى أي أسود من خضرته وغضارته فجعله غثاء عند يبسه ف (أَحْوى) : حال ، وقال ابن عبّاس : المعنى : فجعله غثاء أحوى أي أسود ؛ لأن الغثاء إذا قدم وأصابته الأمطار اسودّ وتعفّن
__________________
(١) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٦٦)
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) أخرجه الحاكم في «المستدرك» (١ / ٤٩٨). قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي.