تفسير سورة «الغاشية»
وهي مكّيّة بإجماع
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ (١) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ)(٢)
قال بعض المفسرين : (هَلْ) بمعنى «قد» وقال الحذّاق : هي على بابها توقيف فائدته تحريك نفس السامع إلى تلقّي الخبر ، و (الْغاشِيَةِ) القيامة ، لأنها تغشى العالم كلّه بهولها ، والوجوه الخاشعة هي وجوه الكفّار وخشوعها ذلّها وتغييرها بالعذاب.
(عامِلَةٌ ناصِبَةٌ (٣) تَصْلى ناراً حامِيَةً (٤) تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (٥) لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ (٦) لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (٧) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ (٨) لِسَعْيِها راضِيَةٌ (٩) فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ)(١٠)
وقوله سبحانه : (عامِلَةٌ ناصِبَةٌ) قال الحسن وغيره : لم تعمل لله في الدنيا فأعملها وأنصبها في النار ، والنصب التّعب (١) ، وقال ابن عبّاس وغيره : المعنى عاملة في الدنيا ناصبة فيها على غير هدى فلا ثمرة لعملها ، إلا النصب ، وخاتمته النار (٢) ، قالوا : والآية في القسّيسين وكلّ مجتهد في كفر ، وقرأ أبو بكر عن عاصم وأبو عمرو «تصلى» ـ بضم التاء والباقون بفتحها (٣) ـ والآنية : التي قد انتهى حرّها كما قال تعالى (وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) [الرحمن : ٤٤] وقال ابن زيد : آنية : حاضرة (٤) ، والضريع : قال الحسن وجماعة : هو الزّقّوم (٥) ، وقال ابن عبّاس وغيره : الضريع شبرق النار (٦) ، وقال النبي صلىاللهعليهوسلم الضريع شوك
__________________
(١) أخرجه الطبري (١٢ / ٥٥١) (٣٧٠١٠) ، وذكره البغوي (٤ / ٤٧٨) بنحوه.
(٢) ذكره البغوي (٤ / ٤٧٨). وذكره ابن عطية (٥ / ٤٧٢)
(٣) ينظر : «السبعة» (٦٨١) ، و «الحجة» (٦ / ٣٩٩) ، و «إعراب القراءات» (٢ / ٤٦٩) ، و «معاني القراءات» (٣ / ١٤٠) ، و «شرح الطيبة» (٦ / ١٠٩) ، و «العنوان» (٢٠) ، و «حجة القراءات» (٧٥٩) ، و «شرح شعلة» (٦٢٢) ، و «إتحاف» (٢ / ٦٠٥)
(٤) أخرجه الطبري (١٢ / ٥٥٢) ، (٣٧٠٢٠) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٤٧٣) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٧٣) ، وعزاه لابن جرير ، وابن أبي حاتم.
(٥) ذكره ابن عطية (٥ / ٤٧٣) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٧٣) ، وعزاه لعبد بن حميد ، وابن أبي حاتم.
(٦) أخرجه الطبري (١٢ / ٥٥٢) ، (٣٧٠٢١) ، وذكره البغوي (٤ / ٤٧٨) ، وابن عطية (٥ / ٤٧٣) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٧٣) ، وعزاه لعبد بن حميد عن ابن عبّاس.