تفسير سورة «البلد»
وهي مكّيّة في قول الجمهور وقيل مدنيّة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ (١) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ)(٢)
قوله تعالى : (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ) الكلام في لا تقدم في (لا أُقْسِمُ) [القيامة : ١] والبلد هو : «مكة».
وقوله تعالى : (وَأَنْتَ حِلٌ) قال ابن عبّاس وجماعة : معناه وأنت حلال بهذا البلد ، يحلّ لك فيه قتل من شئت ، وكان هذا يوم فتح مكة ، وعلى هذا يتركب قول من قال : السورة مدنية نزلت عام الفتح (١) ، وقال آخرون : المعنى وأنت حال ساكن بهذا البلد.
(وَوالِدٍ وَما وَلَدَ (٣) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ (٤) أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (٥) يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً (٦) أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (٧) أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (٨) وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ (٩) وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ)(١٠)
وقوله تعالى : (وَوالِدٍ وَما وَلَدَ) قال مجاهد : هو آدم وجميع ولده (٢) ، وقال ابن عبّاس : ما معناه أنّ الوالد والولد هنا على العموم فهي أسماء جنس يدخل فيها جميع الحيوان (٣) ، والقسم واقع على قوله : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ) قال الجمهور : الإنسان اسم جنس والكبد المشقة والمكابدة ، أي : يكابد أمر الدنيا والآخرة ، وروي : أن سبب نزول هذه الآية رجل من قريش يقال له أبو الأشدّ ، وقيل نزلت في عمرو بن عبد ود ،
__________________
(١) أخرجه الطبري (١٢ / ٥٨٥) ، (٣٧٢٣١) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٤٨٣) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٥١١) ، والسيوطي في «الدر المنثور» ، وعزاه للحاكم وصححه من طريق مجاهد عن ابن عبّاس بنحوه.
(٢) أخرجه الطبري (١٢ / ٥٨٦) ، (٣٧٢٤٨) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٤٨٣) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٥١١) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٩٣) ، وعزاه للفريابي ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن مجاهد.
(٣) أخرجه الطبري (١٢ / ٥٨٦) ، (٣٧٢٤٧) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٤٨٣)