تفسير سورة «الضّحى»
[وهي] مكّيّة بلا خلاف
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(وَالضُّحى (١) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (٢) ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى (٣) وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى (٤) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى (٥) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى)(٦)
تقدّم تفسير (الضُّحى) بأنه : سطوع الضوء وعظمه ، وقال قتادة : (الضُّحى) هنا النهار كلّه (١) و (سَجى) معناه سكن واستقرّ ليلا تامّا ، وقيل : معناه أقبل ، وقيل : معناه أدبر ، والأول أصحّ ، وعليه شواهد ، وقال البخاريّ : قال مجاهد : (إِذا سَجى) استوى (٢) ، وقال غيره : أظلم وسكن ، انتهى ، ، وقرأ الجمهور : (ما وَدَّعَكَ) ـ بشد الدال ـ من التّوديع وقرىء (٣) بالتخفيف بمعنى : ما تركك ، وقال البخاريّ : (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ) بالتشديد والتخفيف : ما تركك ، انتهى.
و (قَلى) أبغض ، نزلت بسبب إبطاء الوحي مدّة (وَلَلْآخِرَةُ) يعني : الدار الآخرة خير لك من الدنيا ، (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) قيل : هي أرجى آية في القرآن ؛ لأنّه صلىاللهعليهوسلم لا يرضى ، وواحد من أمته في النار ، وروي أنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال لما نزلت : «إذن لا أرضى ، وأحد من أمّتي في النار» قال عياض : وهذه آية جامعة لوجوه الكرامة وأنواع
__________________
(١) أخرجه الطبري (١٢ / ٦٢١) ، (٣٧٤٩٢) ، وذكره البغوي (٤ / ٤٩٨) ، وابن عطية (٥ / ٤٩٣) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٦٠٩) ، وعزاه لعبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه.
(٢) أخرجه الطبري (١٢ / ٦٢٢) ، (٣٧٤٩٦) ، وذكره البغوي (٤ / ٤٩٨) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٦٠٩) ، (٦ / ٦٠٩) وعزاه للفريابي وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه.
(٣) حكيت عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، وكذلك عروة بن الزبير.
ينظر : «الشواذ» ص : (١٧٥) ، و «المحتسب» (٢ / ٣٦٤) ، و «الكشاف» (٤ / ٧٦٥) ، و «المحرر الوجيز» (٥ / ٤٩٣) ، و «البحر المحيط» (٨ / ٤٨٠) ، و «الدر المصون» (٦ / ٥٣٧)