تفسير سورة «القارعة»
وهي مكّيّة بلا خلاف
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الْقارِعَةُ (١) مَا الْقارِعَةُ (٢) وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ (٣) يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ (٤) وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (٥) فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ (٦) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ (٧) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ (٨) فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ)(٩) وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ (١٠) نارٌ حامِيَةٌ)(١١)
قال الجمهور : (الْقارِعَةُ) القيامة نفسها ، والفراش : الطير الذي يتساقط في النار ؛ ولا يزال يتقحم على المصباح ، وقال الفرّاء : هو صغير الجراد الذي ينتشر في الأرض والهواء ، وفي البخاريّ : (كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ) : كغوغاء الجراد يركب بعضه بعضا ؛ كذلك الناس يومئذ ؛ يجول بعضهم في بعض ، انتهى ، و (الْمَبْثُوثِ) هنا معناه : المتفرّق جمعه ؛ وجملته موجودة متصلة ، والعهن هو : الصوف والنفش خلخلة الأجزاء وتفريقها عن تراصيها.
وقوله تعالى : (فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ) قال كثير من المفسرين : المراد بالأمّ نفس الهاوية ، وهذا كما يقال للأرض أم الناس ؛ لأنها تؤويهم ، وقال أبو صالح / وغيره : المراد أم رأسه ؛ لأنّهم يهوون على رؤوسهم (١) ؛ وروى المبرّد «أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم : قال لرجل : لا أمّ لك ، فقال : يا رسول الله ، تدعوني إلى الهدى وتقول : لا أمّ لك ، فقال ـ عليهالسلام ـ : إنّما أردت لا نار لك ، قال الله تعالى : (فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ)».
__________________
(١) أخرجه الطبري (١٢ / ٦٧٧) ، (٣٧٨٦٥) ، وذكره البغوي (٤ / ٥١٩) ، وابن عطية (٥ / ٥١٧) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٥٤٣) ، والسيوطي في «الدر المنثور» ، وعزاه لابن جرير.