تفسير سورة «الكوثر»
وهي مكّيّة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ)(٣)
قال جماعة من الصحابة والتابعين : (الْكَوْثَرَ) نهر في الجنة حافّتاه قباب من لؤلؤ مجوّف ، وطينه مسك وحصباؤه ياقوت ، ونحو هذا من صفاته ، وإن اختلفت ألفاظ رواته ، وقال ابن عبّاس : الكوثر : الخير الكثير / قال ابن جبير : النّهر الذي في الجنة هو من الخير الذي أعطاه الله إياه (١) * ت* : وخرّج مسلم عن أنس قال : «بينما رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذات يوم بين أظهرنا ؛ إذ أغفى إغفاءة ؛ ثمّ رفع رأسه متبسّما ، فقال : نزلت عليّ آنفا سورة ، فقرأ : (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ) إلى آخرها ، ثمّ قال : أتدرون ما الكوثر؟ قلنا : الله ورسوله أعلم ، قال : فإنّه نهر وعدنيه ربّي عليه خير كثير ، هو حوض ترد عليه أمّتي يوم القيامة» الحديث ، انتهى ، وخرّج ابن ماجه من حديث ثوبان عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «أوّل من يرد على الحوض فقراء المهاجرين الدّنس ثيابا الشعث رؤوسا ، الّذين لا ينكحون المتنعّمات ، ولا تفتّح لهم أبواب السّدد» (٢) ، قال الراوي : فبكى عمر بن عبد العزيز حتّى اخضل لحيته ، حين بلغه الحديث ، وقال : لا جرم ، إنّي لا أغسل ثوبي الّذي يلي جسدي حتّى يتّسخ ، ولا أدهن رأسي حتّى يشعث ، وخرّجه أبو عيسى الترمذيّ عن ثوبان عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم بمعناه (٣) ، ونقل صاحب «التذكرة» (٤) عن أنس بن مالك قال : أوّل من يرد الحوض على النبيّ صلىاللهعليهوسلم
__________________
(١) أخرجه الطبري (١٢ / ٧١٧) ، (٣٨١٤٩) ، وذكره البغوي (٤ / ٥٣٣) ، وابن عطية (٥ / ٥٢٩) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٥٥٧)
(٢) أخرجه ابن ماجه (٢ / ١٤٣٨ ـ ١٤٣٩) ، كتاب «الزهد» باب : ذكر الحوض (٤٣٠٣) ، وأحمد (٥ / ٢٧٥)
(٣) أخرجه الترمذي (٤ / ٦٢٩) ، كتاب «صفة القيامة» باب : (١٥) (٢٤٤٤).
قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح.
(٤) ينظر : «التذكرة» (١ / ٤١٠)