تفسير سورة «النّصر»
وهي مدنيّة بإجماع
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً)(٣)
روت عائشة أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم لمّا فتح مكّة وأسلمت العرب ، جعل يكثر أن يقول : «سبحانك اللهمّ وبحمدك استغفرك وأتوب إليك» يتأوّل القرآن في هذه السورة ، وقال لها مرة : ما أراه إلا حضور أجلي ، وتأوّله عمر والعباس بحضرة النبي صلىاللهعليهوسلم فصدّقهما ، ونزع هذا المنزع ابن عبّاس وغيره ، (وَالْفَتْحُ) هو فتح مكة ؛ كذا فسّره صلىاللهعليهوسلم في «صحيح مسلم» ، والأفواج : الجماعة إثر الجماعة ، ـ ص ـ : (بِحَمْدِ رَبِّكَ) أي متلبّسا ، فالباء للحال ، انتهى.
وقوله تعالى : (إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً) بعقب (وَاسْتَغْفِرْهُ) ترجية عظيمة للمستغفرين ، قال ابن عمر : نزلت هذه السورة على النبي صلىاللهعليهوسلم بمنى في أوسط أيام التّشريق في حجّة الوداع وعاش بعدها ثمانين يوما ، أو نحوها (١).
__________________
(١) ذكره ابن عطية (٥ / ٥٣٢) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٥٦١) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٦٩٦) ، وعزاه لابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، والبزار ، وأبي يعلى ، وابن مردويه ، والبيهقي في «الدلائل» عن ابن عمر بنحوه.