تفسير سورة الزّمر
[وهي] مكّيّة بإجماع
غير ثلاث آيات نزلت في شأن وحشيّ قاتل حمزة بن عبد المطّلب ، وهي (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ ...) الآيات ، وقالت فرقة : إلى آخر السورة هو مدني ، وقيل : فيها مدني سبع آيات.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١) إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (٢) أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ (٣) لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ سُبْحانَهُ هُوَ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (٤) خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ)(٥)
قوله تعالى : (تَنْزِيلُ الْكِتابِ ...) الآية ، (تَنْزِيلُ) رفع بالابتداء ، والخبر قوله : (مِنَ اللهِ) وقالت فرقة : (تَنْزِيلُ) خبر مبتدإ محذوف ، تقديره : هذا تنزيل ، والإشارة إلى القرآن ؛ قاله المفسرون ، ويظهر لي أنّه اسم عام لجميع ما تنزّل من عند الله ، فكأنّه أخبر إخبارا مجرّدا أنّ الكتب الهادية الشارعة إنما تنزيلها من الله تعالى ، وجعل هذا الإخبار تقدمة وتوطئة لقوله : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ).
وقوله : (بِالْحَقِ) معناه : متضمّنا الحقّ ، أي : بالحق فيه ، وفي أحكامه وأخباره ، و (الدِّينَ) هنا يعمّ المعتقدات وأعمال الجوارح ، قال قتادة : و (الدِّينُ الْخالِصُ) : «لا إله إلّا الله» (١).
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٠ / ٦١١) برقم : (٣٠٠٤٦) ، وذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ٧١) ، وابن عطية (٤ / ٥١٨) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٤٥) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥ / ٦٠٢) ، وعزاه لعبد بن حميد ، وابن المنذر.