قوله تعالى : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً).
العدوان : هو التجاوز عن الحدّ ، سواء أكان بالقصد أم بالقول أم بالفعل ، وسواء أكان جائزا ممدوحا كالقصاص ، أم محظورا مذموما كقتل النفس المحترمة ابتداء ، وقد وردت هذه المادّة في القرآن الكريم في ثمانية مواضع قال تعالى : (تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) [سورة البقرة ، الآية : ٨٥] ، وقال تعالى : (أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَ) [سورة القصص ، الآية : ٢٨] ، وقال تعالى : (فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ) [سورة البقرة ، الآية : ١٩٣] ، وقال تعالى : (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) [سورة المائدة ، الآية : ٢].
والمراد به في المقام بقرينة مقارنته للظلم هو التعدّي على حدود الله تعالى ، فيكون الظلم هو الفعل المتعدّى به عن الحقّ.
والآية الشريفة تسدّ جميع أبواب التعدّي ، سواء في القصد أم في القول أم في الفعل.
و (ذلِكَ) إشارة إلى مجموع ما تقدّم من الأحكام في الآيات السابقة ، كأكل الأموال بالباطل ، وقتل النفس المحرّمة ، والتزويج بالمحرّمات ، وتحليل ما حرّمه الله تعالى وتحريم ما أحلّه عزوجل.
وفي الآية المباركة التفات عن خطاب المؤمنين إيماء إلى أنّ من فعل ذلك منهم فليس من المؤمنين ، فلا يخاطب المؤمنون بفعله ، وهم كنفس واحدة ، وإنّما يخاطب الرسول الذي هو وليّ المؤمنين والمأمور فيهم بإجراء أحكام الله تعالى ، وعلى ذلك ينزل عموم الخطاب.
قوله تعالى : (فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً).
الاصلاء بالنار : الإحراق بها ، وتقدّم ما يرتبط بهذه المادّة في قوله تعالى : (وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) [سورة النساء ، الآية : ١٠]. والجملة جواب الشرط ،