أقول : تقدّم ما يتعلّق بمثل هذه الرواية.
وعن أبي الهذيل عن الصادق عليهالسلام قال : «إنّ الله قسّم الأرزاق بين عباده وأفضل فضلا كثيرا لم يقسمه بين أحد ، قال الله : (وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ)».
أقول : هذه الرواية ظاهرة في الفرق بين رزق الله تعالى وفضله ، فإنّ رزقه مقسوم محدود ، بخلاف فضله فإنّه لا حدّ له.
وعن علي بن إبراهيم في تفسيره بإسناده عن أبي جعفر عليهالسلام ، أنّه قال : «ليس من نفس إلا وقد فرض الله لها رزقها حلالا يأتيها في عافية ، وعرض لها بالحرام في وجه آخر ، فإن وجه آخر ، فإن هي تناولت من الحرام شيئا قاصها به من الحلال الذي فرض الله لها ، وعند الله سواهما فضل كثير».
أقول : المراد من العرض بالحرام ليس أنّ الله تعالى عرض له بالحرام ، بل جعل فيه قدرة واختيارا ، هو يختار الحرام بعمده واختياره.
وفيه ـ أيضا ـ : عن الحسين بن مسلم ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «قلت له : جعلت فداك ، إنّهم يقولون إنّ النوم بعد الفجر مكروه ؛ لأنّ الأرزاق تقسّم في ذلك الوقت ، فقال : الأرزاق موظوفة مقسومة ، ولله فضل يقسّمه ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، وذلك قوله تعالى : (وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ) ، ثم قال : وذكر الله بعد طلوع الفجر أبلغ في طلب الرزق من الضرب في الأرض».
أقول : الروايات في سياق ذلك كثيرة ، وللفضل والرزق أسباب عديدة ، منها ذكر الله تعالى بعد صلاة الفجر ، وهو أفضلها وأبلغها في الوصول إليه.
وعن الطبرسي في مجمع البيان في قوله تعالى : (وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ) ، أي : لا يقل أحدكم : ليت ما اعطي فلان من النعمة والمرأة الحسناء كان لي ، فإنّ ذلك يكون حسدا ، ولكن يجوز أن يقول : اللهم اعطني مثله ، وهو المروي عن الصادق عليهالسلام.
أقول : الرواية تبيّن الفرق بين التمنّي والغبطة ، والأوّل مذموم دون الثاني ، كما مرّ في التفسير.