وقد وردت هذه المادّة في القرآن الكريم في ثلاثة موارد ، أحدها المقام ، ومثله في آية (٦) من سورة المائدة ، والثالثة في سورة البقرة ، قال تعالى : (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) [سورة البقرة ، الآية : ٢٦٧] ، وفي الشرع هو اسم للطهارة الترابيّة المعروفة ـ أي : ضرب الكفّين على الأرض ومسح الوجه بها واليدين ـ لاستباحة الدخول في ما هو مشروط بالطهارة ، تقرّبا إليه تعالى.
ومادة (ص ع د) تدلّ على الارتفاع والعلو ، ومنه وجه الأرض ، لأنّه نهاية ما يصعد إليه من باطن الأرض ، أو لصعوده وارتفاعه فوق الأرض ، فيشمل التراب والحجر ، قال تعالى : (فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً) [سورة الكهف ، الآية : ٤٠] ، أي : أرضا ملساء ، وقال تعالى : (وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً) [سورة الكهف ، الآية : ٨] ، أي : أرضا غليظة لا نبت عليهان وفي الحديث : «يحشر الناس في صعيد واحد» ، أي : في أرض واحدة ملساء لا نبت فيها.
ونقل عن الزجاج أنّه قال : «لا اعلم خلافا بين أهل اللغة في أنّ الصعيد وجه الأرض ، سواء كان عليه تراب أو لم يكن» ، ونقل المحقّق في المعتبر عن الخليل عن ابن الأعرابي ذلك أيضا ، ويدلّ عليه أيضا الحديث المعروف بين المسلمين عن نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله : «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا» ، والمراد به هو وجه الأرض ، فلا يشمل المعادن وغيرها ، والمسألة محرّرة في كتب الفقه ، فراجع (مهذب الأحكام).
وجمع الصعيد صعدات ، كطريق وطرقات ، وقيل : صعد ، كطريق وطرق ، وفي الحديث : «إياكم والقعود بالصعدات» ، وهي فناء باب الدار وممرّ الناس.
والطيب معروف ، وهو الخالص عمّا يستخبث ويكره ، أي : ما تستلذّه النفس أو الحواس ، وقد وردت هذه الكلمة في ما يزيد على خمسين موردا في القرآن الكريم ، قال تعالى : (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ) [سورة الأعراف ، الآية : ٥٨] ، وقال تعالى : (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ