وتشتت الكلمة والتفرّق ؛ ولذا أمر الله تعالى في هذه الآية المباركة بالرجوع الى الله تعالى والرسول عند ظهور التنازع ، فإذا اختلف اولوا الأمر في بعض المستجدات التي تعرض على الامة مع وجود الإمام المعصوم ، فهو غير جائز عند القائلين به ؛ لأنّه عندهم بمنزلة الرسول صلىاللهعليهوآله ، مع أنّه لا وجود لذلك ، فلا فائدة فيه.
وفيه : أنّ التنازع في الآية تنازع المؤمنين دون اولي الأمر ، كما هو ظاهر الآية الشريفة ، فإنّه لا نزاع في الأحكام الصادرة من الإمام المعصوم ، كالحكم الصادر من الله والرسول ، فإنّه لا خيرة لهم في ما إذا قضى الله ورسوله أمرا ، فإذا فهموا الحكم من الكتاب والسنّة وأمكنهم تطبيق ذلك ، فهو وإلا فلا بد من الرجوع إلى الإمام عليهالسلام والسؤال عنه ، نظير ما كان المسلمون عليه في عصر الرسول صلىاللهعليهوآله ، فكان عصر الإمام امتدادا لعصر الرسول الكريم صلىاللهعليهوآله ، فإذا حصل تنازع بين المؤمنين فلا بد من الرجوع إلى الرسول في عصره وإلى الإمام بعده.
الخامس : أنّ ذيل الآية الشريفة يدلّ على عدم إرادة الإمام المعصوم ، فإنّه عزوجل قال : (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ) ، فلو كان المراد باولي الأمر الإمام المعصوم لوجب الردّ عليه أيضا ، فيقول : «فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول والإمام» ، والمفروض ليس كذلك ، فليس المراد بولي الأمر الإمام المعصوم.
وفيه : أنّه تقدّم الجواب عن هذا ، وحاصل ما ذكرنا أنّ الملاك هو العصمة وأنّها موجودة في اولي الأمر بوحي من السماء ، ولقد عرفوا من قبل الرسول صلىاللهعليهوآله ، وسيأتي مزيد بيان في تفسير ذيل الآية المباركة إن شاء الله تعالى.
والذي يتحصّل من مجموع ما ذكرناه أنّ المراد من اولي الأمر هم أفراد معينّون من هذه الامة ، امتازوا عن سائر الناس بالعصمة والعلم والمعرفة ، وقد كرّمهم الله تعالى بأنّ فرض طاعتهم على الناس وجعلهم قرناء الرسول صلىاللهعليهوآله في