الأول : أنّ الأمر الوارد في الآية الكريمة إرشاد إلى ما يحكم به العقل ؛ لأنّ معرفة الإمام عليهالسلام وإبلاغ الإمام ـ الذي ثبت إمامته بالنصّ من الرسول صلىاللهعليهوآله ـ للناس بالإمام الذي بعده ، ممّا تحكم به الفطرة السليمة ، لما فيه من المصالح العامّة ، كحفظ الناس من الضلال وإخراجهم عن الغواية ، وفي عدمه مفاسد كثيرة.
الثاني : أنّ الإمامة لا تكون اعتباطيّة وممّا تميل النفس في جعلها لأحد ، بل لا بد فيها من الأهليّة التي هي العصمة كما تقدّم ، فإنّها منحة إلهيّة تخصّ أفرادا معيّنين من آل محمد ، امتحنهم الله تعالى لذلك فجعلها لهم ، كما ذكرهم النبيّ على ما سبق.
الثالث : يستفاد منها أنّ الأمانات التي هي عند الإمام المعصوم لا بد وأن تصل إلى إمام مثله في الصفات ، وأنّ لها الأهميّة العظمى ، فكلّ إمام معصوم عنده أمانات إلهيّة يعطيها عند ارتحاله إلى الملأ الأعلى لمن له الأهليّة لحفظها ، من الأشخاص الذين عيّنهم النبي صلىاللهعليهوآله بالوحي المنزل عليه ، وليس له أن يعطيها لأي أحد كما مرّ ، بل لا بد من امتياز إلهي أفاضه الله عليه لما فيه من المصالح.
الرابع : يستفاد منها أنّ الأئمة عليهمالسلام ـ مضافا إلى أن لهم العبوديّة الخاصّة المحضة لله ـ أمانات الله تعالى في أرضه ، وتدلّ على ذلك روايات كثيرة.
وعن الشيخ في التهذيب بإسناده عن معلى بن خنيس عن الصادق عليهالسلام قال : قلت له : «قول الله عزوجل : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) قال : على الإمام أن يدفع ما عنده إلى الإمام الذي بعده ، وأمرت الأئمة بالعدل ، وأمر الناس أن يتبعوهم».
أقول : في بعض الروايات فسّر الأمانة بالوصية يدفعها الرجل منا إلى الرجل ، فيمكن أن تكون الوصية مطلقة تشمل كلّ وصية ، كما يمكن أن تكون الوصية خاصّة كما يأتي في الرواية الآتية.
وكيف كان ، فالرواية من باب التطبيق.