وعموم الآية الشريفة يشمل وجوب الردّ على كلّ تحيّة ، إلّا إذا أسقط الشارع الأقدس احترامه ، مثل تارك الصلاة ، وظاهرها أنّ السلام تطوع والردّ فريضة ، وأنّ الردّ الأولى هو أن يكون بالأفضل ، والثانوي أن يكون بالمثل.
الرابع : يدلّ قوله تعالى : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) أنّ الأصل في كلّ تشريع إلهي ـ بل المقصود من فروع الدين ـ هو إقامة أصوله من الإيمان بالله تعالى وتوحيده والاستعداد ليوم الجزاء ، فبهما تتمّ تحقيق الشريعة وإقامة الحقّ وتثبت الإيمان.
بحث روائي :
في تفسير علي بن إبراهيم في قوله تعالى : (وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها) ، قال : «يكون كفل ذلك الظلم الّذي يظلم صاحب الشفاعة».
أقول : الكفل (بالكسر) الحظّ الّذي فيه الكفاية أو النصيب ، كما في قوله تعالى : (يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ) [سورة الحديد ، الآية : ٢٨] ، أي : كفلين من نعمته في الدنيا والآخرة ، والمراد من الرواية التنبيه على أنّ من ينضمّ إلى غيره معيّنا له في فعل سيئة ، يناله منها حظّ من الشدّة والظلم ؛ لأنّ ذلك من التسبيب للوقوع في السيئة ، وهو منهي عنه.
وفي الخصال عن الصادق عن آبائه عليهمالسلام عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : «من أمر بمعروف أو نهى عن منكر أو دلّ على خير أو أشار به ، فهو شريك ، ومن أمر بسوء أو دلّ عليه أو أشار به ، فهو شريك».
أقول : لا بدّ من حمل الرواية على التسبيب للوقوع في الحرام ، وإلّا فمجرّد الإشارة إلى السيئة أو الأمر بها لا يترتب عليه إثم.
وفي الجوامع عن الصادق عليهالسلام : «من دعا لأخيه المسلم بظهر الغيب ، استجيب له ، وقال له الملك : ولك مثلاه ، فذاك النصيب».