المصلّي لا يستطيع أن يردّ السلام ؛ لأنّ التسليم من المسلّم تطوّع والردّ فريضة ، ولا على آكل الربا ، ولا على رجل جالس على غائط ، ولا على الّذي في الحمام ، ولا على الفاسق المعلن بفسقه».
أقول : لعلّ الحكمة في النهي عن السلام على هؤلاء الأقوام إمّا لأجل النهي عن تولّيهم ، كما قال تعالى : (لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ) [سورة الممتحنة ، الآية : ١] ، وقال تعالى : (لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ) [سورة المائدة ، الآية : ٥١] ، وقال تعالى : (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) [سورة هود ، الآية : ١١٣] ، وإمّا لأجل أنّ ترك السلام يوجب ردعهم عن المعاصي ، فهو أفضل من تطوّع السلام عليه ، وإمّا أنّه لا يحبّ أن يراه أحد على ما عليه من الحالة ، فالسلام عليه يوجب إيذائه ، وإمّا لأجل أنّ السلام يوجب التقرّب له والشارع لا يحبّ التقرّب إليه ، كالتقرّب إلى الظالمين ، إلّا إذا كان لإلقاء الحجّة عليهم واسماعهم كلمة الحقّ ، كما أمر النبيّ صلىاللهعليهوآله بذلك.
في الكافي بإسناده عن السكوني عن الصادق عليهالسلام قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من بدء بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه ، وقال : ابدءوا بالسلام قبل الكلام ، فمن بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه».
أقول : المراد من السلام مطلق التحيّة ، وأنّ النهي تنزيهي يختصّ بصورة العمد والاختيار ، فيكون ذلك من النهي عن المنكر عملا ؛ لأنّ تركه خلاف الأدب الّذي يهتم به الإسلام. وقد ورد في بعض الأخبار أنّ ذلك نوع من البخل.
في الكافي بإسناده عن ابن درّاج عن الصادق عليهالسلام قال : «إذا سلّم أحدكم فليجهر بسلامه ولا يقول سلمت فلم يردّوا عليّ ، ثمّ قال : كان عليّ عليهالسلام يقول : لا تغضبوا ولا تغضبوا وأفشوا السلام وأطيبوا الكلام وصلّوا الليل والناس نيام ، تدخلوا الجنّة بسلام ، ثمّ تلا عليهم قول الله عزوجل : (السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ)».