وكانت أشجع بلادهم قريبا من بلاد بني ضمرة من بطن كنانة ، وكان أشجع بينهم وبين بني ضمرة حلف بالمراعاة والأمان ، فأجدبت بلاد أشجع وأخصبت بلاد بني ضمرة ، فصارت أشجع إلى بلاد بني ضمرة ، فلما بلغ رسول الله صلىاللهعليهوآله مسيرهم إلى بني ضمرة تهيّأ للمسير إلى أشجع ليغروهم للموادعة الّتي بينه وبين بني ضمرة ، فأنزل الله تعالى : (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) ، ثمّ استثنى بأشجع فقال : (إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً) ، وكانت أشجع محالها البيضاء والحال والمستباح ، وقد كانوا من رسول الله صلىاللهعليهوآله فهابوا لقربهم من رسول الله أن يبعث إليهم من يغزوهم ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله قد خافهم أن يصيبوا من أطرافه شيئا فهمّ بالمسير إليهم ، فبينما هو على ذلك إذ جاءت أشجع ورئيسها مسعود بن رجيلة وهم سبعمائة فنزلوا شعب سلع ، وذلك في شهر ربيع سنة ست من الهجرة ، فدعا رسول الله صلىاللهعليهوآله أسيد بن حصين وقال له : اذهب في نفر من أصحابك حتّى تنظر ما أقدم أشجع ، فخرج أسيد ومعه ثلاثة نفر من أصحابه فوقف عليهم فقال : ما أقدمكم؟ فقام إليه مسعود بن رجيلة وهو رئيس أشجع فسلّم على أسيد وعلى أصحابه ، فقالوا : جئنا لنوادع محمدا صلىاللهعليهوآله ، فرجع أسيد إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : خاف القوم أن أغزوهم فأرادوا الصلح بيني وبينهم ، ثمّ بعث إليهم بعشرة أحمال تمر فقدّمها أمامه ، ثمّ قال : نعم الشيء الهدية أمام الحاجة ثمّ أتاهم فقال : يا معشر أشجع ما أقدمكم؟ قالوا : قريب دارنا منك وليس في قومنا أقل عددا منّا ، فضقنا لحربك لقرب دارنا منك وضقنا لحرب قومنا لقلّتنا فيهم ، فجئنا لنوادعهم ، فقبل النبيّ صلىاللهعليهوآله منهم ووادعهم ، فأقاموا يومهم ثمّ