وفي الكافي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما ، وقال : لا يوفق قاتل المؤمن متعمّدا التوبة».
أقول : الفسحة بالضمّ بمعنى السعة أو عدم الضيق ، والمراد من الحديث : لا يزال المؤمن في سعة من دينه يرجى له الرحمة ويوفّق للخيرات ولو باشر الكبائر ما لم يتعمّد قتل مؤمن ، فإذا قتل بعد عن رحمته ولم يوفّق للخيرات ، وهو في مقام التغليظ الشديد للقتل ، وذيل الحديث محمول على الغالب والأكثر.
وفي الكافي أيضا بإسناده عن ابن سنان عن الصادق عليهالسلام قال : «قاتل المؤمن متعمّدا له توبة؟ قال : إن كان قتله لإيمانه فلا توبة له ، وإن كان قتله لغضب أو لسبب شيء من أمر الدنيا ، فإنّ توبته أن يقاد منه. وإن لم يكن علم به أحد انطلق الى أولياء المقتول فأقرّ عندهم بقتل صاحبهم ، فإن عفوا عنه فلم يقتلوه أعطاهم الديّة وأعتق نسمة وصام شهرين متتابعين وأطعم ستين مسكينا ، توبة إلى الله».
أقول : صدر الرواية محمول على ما إذا قتل المؤمن لأجل دينه وإيمانه ولم يندم ولم يؤد الديّة لأولياء المقتول مع رضائهم بها ، وإلّا فتقبل توبته بعد تحقّق شرائطها ، كما تقدّم في بحث التوبة فراجع.
وعن علي بن جعفر عن أخيه عليهماالسلام قال : «سألته عن رجل قتل مملوكه؟ قال : عليه عتق رقبة وصوم شهرين متتابعين وإطعام ستين مسكينا ، ثمّ يكون التوبة بعد ذلك».
أقول : لا فرق في الكفّارة في القتل بين كون المقتول حرّا أو عبدا ، صغيرا أو كبيرا ، كما ذكر في كتابنا (مهذب الأحكام).
وفي تفسير العياشي عن الصادق عليهالسلام في قول الله عزوجل : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ) قال : «جزاؤه جهنّم إن جازاه».
أقول : معنى ذيل الحديث إن شاء عذّبه ، وإن شاء عفى عنه.
وأخرج البيهقي عن شهر بن حوشب : «انّ أعرابيا أتى أبا ذر فقال : إنّه قتل