الثالث : الجرّ إمّا على أنّ الواو في قوله تعالى : (وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ) للقسم ، فتكون (ما) في محلّ الخبر على القسم الّذي ينبئ عن تعظيم المقسم به وتفخيمه ، ويكون قوله تعالى : (فِي يَتامَى النِّساءِ) بدلا من قوله : (فِيهِنَ) ، والمعنى : أقسم بما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء.
وإمّا أن تكون معطوفة على الضمير المجرور «فيهن» ، بتأويل الإفتاء إلى التبيين ، والمعنى : قل الله يبيّن لكم ما يتلى عليكم في الكتاب ، وهذا هو الوجه المعروف بين البصريين ، فقد ردّ بأنّ فيه اختلالا معنويّا.
وإمّا أن تكون (ما) معطوفة على النساء في قوله : (فِي النِّساءِ).
هذه الوجوه المعروفة بين النحويين والمفسّرين.
والحقّ أنّ بعضها بعيد عن سياق الآية الشريفة ولا يخلو عن التعسّف ، وعلى أغلب الاحتمالات يكون قوله تعالى : (فِي يَتامَى النِّساءِ) متعلّقا ب (يتلى) ، أي : ما يتلى عليكم في شأنهن.
والأولى أنّها معطوفة على قوله تعالى : (قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ). والمعنى : قل الله يفتيكم في الأحكام الّتي تتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء.
وكيف كان ، ففي إتيان صيغة المضارع : «وما يتلى عليكم» ؛ للدلالة على دوام التلاوة واستمرارها ، وأنّ جملة : «اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون ان تنكحوهن» وصف ليتامى النساء. وأمّا قوله تعالى : (وَتَرْغَبُونَ) إمّا عطف على صلة «اللاتي» ، أو على المنفي وحده ، ويحتمل أن يكون حالا من فاعل «تؤتونهن» ، وحينئذ فإن جوّزنا دخول الواو على الجملة المضارعيّة الحاليّة فالأمر ظاهر ، وإلّا فلا بدّ من تقدير مبتدأ ، أي : وأنتم ترغبون ، وقد ذكرنا في التفسير ما يتعلّق بحرف الجرّ المقدّر في قوله تعالى : (أَنْ تَنْكِحُوهُنَ).
وأمّا قوله تعالى : (وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ) ، فالمعروف أنّه عطف على