أهل الحلّ والعقد ، الّذين تثق بهم الأمّة في سياستها وإدارة أمورها. وقيل : هم أمراء السرايا والولاة. وقيل : هم العلماء وحملة الفقه والحكمة ، وقيل : هم كبار الصحابة ، وقيل : هم الخلفاء الراشدون ، وقيل غير ذلك.
والحقّ أنّه لا دليل على كلّ واحد من تلك الأقوال ، ويكفي في وهنها تعارضها في ما بينها وعدم مناسبتها للآية الشريفة ، يضاف الى ذلك أنّ بعضها حدث بعد عصر نزول القرآن بزمان كثير ، فكيف يصحّ سلخ الآية الشريفة عن معناها وتطبيقها على مورد يتحقّق بعد نزولها.
فالصحيح هو القول بأنّ أولي الأمر في المقام هم أنفسهم في قوله تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) [سورة النساء ، الآية : ٥٩] ، وهم الأئمة المعصومون الّذين يستنبطون من القرآن ويعرفون الحلال والحرام بما وهبهم الله تعالى من الذهن الثاقب والذوق الرفيع واختارهم لهداية الناس ، فراجع تلك الآية الشريفة.
ولم يذكر سبحانه وتعالى في المقام الردّ إلى الله تعالى كما ذكره في الآية السابقة : (فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ) ؛ لأنّ الردّ في المقام لا يتضمّن حكما مولويا شرعيّا ، بخلاف الردّ في الآية السابقة ، فإنّه ردّ الحكم الشرعي ، ولا سلطة لأحد فيه إلّا الله تعالى والرسول.
قوله تعالى : (لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ).
المراد من العلم هو معرفة الحقّ والصدق ممّا أشيع ، وتمييزهما من الباطل والكذب. والاستنباط هو الاستخراج ، مأخوذ من استنبطت الماء إذا استخرجته ، والنبط هو الماء المستنبط وأوّل ما يخرج من ماء البئر ، وسمّي النبط نبطا ؛ لأنّهم كانوا يستخرجون ما في الأرض من الماء ، واستنباط الحكم هو بذل الجهد في الحصول على الحكم من الأدلّة الشرعيّة.
والاستنباط في الآية الكريمة إمّا وصف للرسول صلىاللهعليهوآله وأولي الأمر ، أو يكون