ووضوح بطلانه ، وإنكارهم لله تعالى ؛ ولأنّ الكلام مع أعداء الإسلام من أهل الكتاب المدّعين للإيمان.
قوله تعالى : (وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً).
عطف تفسيري لمقالتهم ، أي : يريدون من ذلك القول والتفرقة بين الإيمان أن يسلكوا منهجا معينا لهم ويبتدعوا طريقا مختصّا بهم يتبعوه ، يكون وسطا بين الإيمان والكفر. مع أنّ الحقّ لا يختلف ، والواقع لا واسطة فيه ، فإمّا الإيمان بالله تعالى ورسله جميعا من دون تفرقة بينهم ، وإمّا الكفر سواء كان بالله ورسله أو بالأخير منهما ، أو بالتفرقة بين الرسل ، فلا سبيل إلّا الإيمان بالله ورسله جميعا ؛ لأنّ الإيمان بهم إيمان بالله تعالى ، والكفر بواحد منهم كفر به عزوجل ، فلا واسطة ولا سبيل غيره ، وما سواه كفر وباطل.
قوله تعالى : (أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا).
بيان لحقيقة مذهبهم وواقع حالهم وتأكيد يزيل كلّ وهم وشكّ في إيمانهم ، فأولئك المفرّقون هم كافرون حقّا لا مرية فيه وإن لم يشعروا به ، فلم ينفعهم إيمانهم بالله وببعض الرسل إذا كفروا.
وفي تأكيد الحكم بالجملة المعرفة بين الجزءين ، وبضمير الفصل وبالمصدر المؤكّد قطع لكلّ إرادة باطلة وتقوّل فاسد ، فإنّه لا حقّ أثبت وأصحّ ممّا يحقّه الله تعالى حقّا ، والسرّ في ذلك واضح ؛ لأنّ ما يتوسّلون به في إثبات التفرقة باطل ، وأنّ لازم إيمانهم كذلك الردّ على الله عزوجل ، لأنّ الأنبياء وحدة متكاملة ، يبشّر السابق باللاحق ويدعو إليه ، كما ينوّه اللاحق بالسابق ويجعل الإيمان به من أجزاء الإيمان بدينه ، فإذا أنكر واحد منهم ، فقد أنكر الجميع ، وهو الكفر بالله العظيم ، ولشناعة الفعل كان الجزاء عظيما.
قوله تعالى : (وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً).
وعيد لهم بعد ما أثبت كونهم كافرين ، ووضع المظهر موضع المضمر تذكيرا بوصفهم الشنيع ، وتعميما لجميع أصناف الكافرين ، هذا الصنف وغيرهم ، بعد ما