جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) [سورة البقرة ، الآية : ٥٥] ، وغيرهما من الآيات المباركة ، وقد تقدّم ما يتعلّق بذلك فراجع.
قوله تعالى : (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ).
الصاعقة : هي النار السماويّة الّتي تحدث من أسباب معروفة في علم الطبيعة. وإنّها والفاقعة متقاربتان ، إلّا أنّ الثانية في الأجسام الأرضيّة والاولى في الأجسام العلويّة.
وكيف كان ، فقد عبّرت التوراة عنها بالنار ولا منافاة بينهما ، فإنّ الآية الشريفة تفسّر تلك بالنار السماويّة.
والمراد من الظلم في المقام هو تشبيه الربّ بالماديات وطلب رؤيته. وهو ظلم مع علمهم بأنّها مستحيلة بالنسبة إليه عزوجل ، لتنزّهه عن مجانسة المخلوقات ، وتقدّم في قوله تعالى : (وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً) [سورة البقرة ، الآية : ٥٥] الكلام في هذه المسألة ، وقلنا إنّ الآية الشريفة تدلّ على امتناع الرؤية ، فإنّ ظاهرها هو أنّ أخذهم الصاعقة لم يكن إلّا بسبب ظلمهم أنفسهم ، وهو لم يكن إلّا لأنّهم طلبوا الرؤية وإلّا لما سموا ظالمين ، ولما أخذتهم الصاعقة.
ولا ينافي ذلك أن يكون السؤال عن تعنّت من اليهود ، فإنّ كلّ ظلم منهم إنّما كان كذلك وإن اختلفت أسبابه ، والعقاب قد يكون عليهما معا أو على أحدهما.
ومن ذلك يعرف بطلان ما قيل من أنّ العقاب إنّما كان على تعنّتهم لا على سؤالهم الرؤية.
وكيف كان ، فالإماميّة يقولون بامتناع الرؤية لظواهر الآيات الشريفة ، ونصوص وردت عن الأئمة الهداة عليهمالسلام ، وأمّا الأشاعرة فإنّهم على خلاف ذلك والمسألة معروفة في كتب الكلام.
قوله تعالى : (ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ).
أي : أنّهم ارتكبوا ظلما أشنع وهو اتّخاذ العجل للعبادة مع علمهم بأنّها