شرك باطل ، لقيام البينات والحجج الواضحة الدالّة على توحيده والنافية للشرك ، وظهور البراهين لديهم على أنّ الله تعالى منزّه عن شؤون المادّة وشائبة الجسميّة.
قوله تعالى : (فَعَفَوْنا عَنْ ذلِكَ).
أي : فعفونا عن ذلك الذنب حين تابوا ، والعفو هنا خاصّ ، وهو رفع القتل عنهم كما حكى تعالى عن القصة في سورة البقرة : (فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) [سورة البقرة ، الآية : ٥٤] ، وفيه تعليم للمذنبين ، أي : أنّهم أذنبوا فتابوا فعفونا عنهم ، فتوبوا أنتم حتّى نعفو عنكم.
قوله تعالى : (وَآتَيْنا مُوسى سُلْطاناً مُبِيناً).
أي : أنّ الله تعالى أتى موسى عليهالسلام تسلّطا ظاهريا عليهم جميعا بما فيهم السامري وعجله ، فخضعوا له فأمرهم ابتداء بقتل أنفسهم توبة عن اتخاذهم العجل ، فاستولى على تمرّدهم وطغيانهم ثمّ انقادوا له فلم يخالفوه ، وبذلك صارت له حجّة بيّنة قوى بها على من ناواه.
قوله تعالى : (وَرَفَعْنا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثاقِهِمْ).
أي : أنّ الله تعالى رفع الطور عليهم حتّى أخذ الميثاق منهم تحت الصخرة ، وإنّما فعل ذلك تشديدا لأمر الميثاق وتوكيدا عليه وليأخذوا ما انزل إليهم بقوة ويعلموا مخلصين ، والقصة مذكورة في سورة البقرة مرّتين ، الاولى في الآية (٦٣) والثانية في الآية (٩٦).
قوله تعالى : (وَقُلْنا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً).
بيان لمورد من الموارد الّتي أخذ الميثاق عليها ، أي : وقلنا لهم : إذا خرجتم من التيه ودخلتم مدينة بيت المقدس ، فادخلوها من الباب خاضعين كما أمر غير اليهود بأن يدخلوا البيوت من أبوابها.
والمراد من ذلك أنّ كلّ عمل يعمله الإنسان لا بدّ أن يكون من الوجه المشروع ولا يجوز أن يدخله من غير بابه الّذي شرّعه الله تعالى ، ولعلّ ما أخذ من بني إسرائيل من الدخول من الباب إشارة إلى ذلك أيضا ، فاتّحدت جميع الأديان