الإلهية على هذا الأمر ولا يقدح أن تكون الآية المباركة إشارة الى واقعة معينة ، فإنّه قد يترتّب حكم كلّي على واقعة جزئيّة ، كما هو معروف.
قوله تعالى : (وَقُلْنا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ).
بيان لمورد آخر من موارد الميثاق ، أي : وقلنا لهم لا تتجاوزوا حدود الله تعالى ولا تحلّوا ما حرّمه الله تعالى في يوم السبت. ولكنّهم خالفوا أوامره عزوجل كما حكى عنهم في سورة البقرة.
قوله تعالى : (وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً).
أي : وأخذنا منهم عهدا وثيقا مؤكّدا ليأخذوا التوراة بقوّة واجتهاد ويعملوا بها ويحفظوا عهودها وحدودها.
وإنّما وصف الميثاق بكونه غليظا إمّا لأجل تعهّدهم بالعمل بالتكاليف الإلهيّة وحفظ التوراة ومراعاة عهودها والتزامهم إذا أعرضوا ، فالله تعالى يعذّبهم بأنواع العذاب ، أو لأجل عظمة الميثاق الّذي أخذ منهم ، وهو التصديق بنبوّة عيسى عليهالسلام ونبوّة خاتم الأنبياء صلىاللهعليهوآله ، الّتي بشّر بها في جميع الكتب السماويّة.
قوله تعالى : (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ).
تفريع على ما سبق ، وفيه تعداد لموارد ظلمهم وما خالفوا فيه من المواثيق والعهود. وبيان ما حلّ بهم من البلاء وما نالوا من الجزاء في الدنيا والآخرة.
والمجرور متعلّق بما يأتي في الآية الشريفة.
أي : بسبب نقضهم المواثيق وتحليلهم ما حرّمه الله تعالى عليهم وكفرهم ، وقتلهم الأنبياء بغير حقّ وقولهم : قلوبنا غلف ، وغير ذلك من جرائمهم ، فبسبب ذلك كلّه حرّمنا عليهم الطيبات وباءوا بالغضب وضربت عليهم الذلّة والمسكنة.
وجوّز بعضهم أن يكون الجار متعلّقا بمقدّر ، وقيل غير ذلك ، وسيأتي في البحث الأدبي ما يتعلّق بذلك.
وتعداد جرائمهم في هذه الآية الشريفة إنّما هو لبيان أنّها أفسدت جميع أخلاقهم ، وكدّرت صفاء نفوسهم ، وأطفئت نور فطرتهم ، فمرضت قلوبهم وساءت