قوله تعالى : (وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ).
غلف : جمع أغلف ، وهو الّذي عليه الغلاف ليمنع نفوذ الشيء إليه ، كغلاف السيف ، وقد ورد في وصف نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله : «يفتح قلوبا غلفا» ، أي : مغشاة مغطاة ، يقال : قلب أغلف ، أي عليه غشاء يمنع عن قبول الحقّ ونفوذه فيه.
والمعنى : قلوبنا في أغشية تمنعها من قبول الحقّ وتأثير المواعظ فيها ونفوذ ما جاء به الرسول صلىاللهعليهوآله إليها ، كما في قوله تعالى : (وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ) [سورة الانعام ، الآية : ٢٥] ، وما يحكى عنهم تعالى : (وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ) [سورة فصلت ، الآية : ٥].
وذكر بعضهم أنّ المراد من الآية الشريفة أنّ قلوبنا في أوعية ، فلا حاجة بنا الى علم جديد سوى ما عندنا وهو كاف.
ولكن الوجه الأوّل أولى بقرينة سائر الآيات الكريمة الّتي حكي فيها حال أقوام آخرين مع الدعوة الى الحقّ.
والإباء عن الاستماع الى الحقّ لا يصدر إلّا ممّن انهمك في العصيان واستولى عليه الفساد والطغيان ، ومن أخذته العزّة بالإثم فاستكبر عن قبول الحقّ ، وهذا مرض نفسي عضال أعيى الأنبياء عليهمالسلام عن علاجه ، وقد حكي عزوجل حال قوم نوح عليهالسلام من الدعوة وعدم قبول الحقّ ، فقال حاكيا عنه عليهالسلام : (وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً) [سورة نوح ، الآية : ٧].
وظاهر الآية الشريفة أنّ ادعاءهم ذلك ناشئ عن خلقتهم كذلك وإن قلوبهم خلقت مغشّاة بأغشية تمنعها من قبول الحقّ. وقد ردّ عزوجل عليهم بأنّ ذلك نشأ عن كفرهم وتمرّدهم على الله تعالى وانهماكهم في المعاصي وارتكاب الآثام فطبعت عليها.
قوله تعالى : (بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ).
ردّ لزعمهم الفاسد ، أي : أنّ إباءهم عن قبول الحقّ واستماع الدعوة لم يكن