وإيماء الى الاختلاف بينهم في كيفيّة قتله عليهالسلام ، فبعضهم قالوا : إنّهم قتلوه صلبا ، وبعض آخر قالوا : إنّهم قتلوه بغير صلب.
قوله تعالى : (وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ).
تأكيد آخر على نفي جميع أنحاء القتل المزعوم عن عيسى عليهالسلام ، فقد وقعت لهم الشبهة والتبس عليهم أمره فأخذوا غيره فقتلوه إمّا صلبا أو غير صلب ، واشتباه الأمر في اجتماع لم يكن منتظما ولم يعرف القاتل شخصية المقتول أمر عادي ، فإنّه ربما يكون قد أخطأ من يراد قتله ، أو كان الأمر إلهيّا لحفظ رسوله فأوقع الشبه عليهم وأمر رسوله بالخروج أو بعدم حضور ذلك الاجتماع ، كما نصر رسوله صلىاللهعليهوآله محمّدا ليلة المبيت واشتبه الأمر على المشركين.
وكيف كان ، فاقصة معروفة في كتب التاريخ من أنّهم هجموا على ذلك الاجتماع الّذي حضر عيسى عليهالسلام فيه فأرادوا قتله ، فألقى شبهه على غيره فقتلوه ، وقد ذكرنا ما يتعلّق بذلك في سورة آل عمران فراجع ، ويأتي أيضا في البحث التاريخي مزيد بيان.
قوله تعالى : (وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ).
أي : وإنّ الّذين اختلفوا في أمر عيسى عليهالسلام رسالة وقتلا وغيرهما لفي تردّد وحيرة منه ، فكلّ يدعي شيئا ما لهم به من علم ثابت إلّا التخمين واتباع لما يرتابه أنفسهم.
والشكّ : هنا التردّد والجهل ، فيكون أخصّ من الظن ، وإن كان يستعمل في بعض الأحيان ما يضاد اليقين ، فيشمل الشكّ والظن في اصطلاح أهل المنطق.
والاختلاف من أهل الكتاب في شأن عيسى عليهالسلام كبير ، فاليهود زعموا قتله وإن اختلفوا في كيفيّة قتله. وبعض نفى القتل عنه رأسا والقرآن الكريم يصرّح به كما عرفت ، وقد نقلت لنا كتب التأريخ كثيرا من أباطيلهم في شأن عيسى عليهالسلام.
وأمّا النصارى فأمرهم في نبيّهم أشدّ ، فبعضهم ادّعى ربوبيّته عليهالسلام وأذعنوا للقتل ، ولكنهم يقولون صلب الناسوت وصعد اللاهوت ، وبعض منهم ـ وهو