اليعقوبيّة ـ نفوا القتل عنه عليهالسلام وقالوا : إنّه باق باتّحاد الناسوت مع اللاهوت ، وصار طبيعة واحدة ، فلم يبق له ناسوت مميّز حتّى يموت والشيء الواحد لا يمكن أن يقال له مات ولم يمت.
وبعض المحقّقين يرى أنّ المسمّى بالمسيح اثنان ، وأنّ المتقدّم المحقّ غير مقتول ، والمتأخّر المبطل هو المصلوب ، والتاريخ المعروف بالميلادي لم يعرف أنّه ضبط من ميلاد الثاني أو من ميلاد الأوّل ، وبينهما ما يزيد على خمسمائة سنة.
وكيف كان ، فقد نقل في الأناجيل المعتمدة عند النصارى أنّ المسيح عليهالسلام قال لتلامذته : «كلّكم تشكّون فيّ في هذه الليلة» ـ (متي : ٢٦ ـ ٣١ ومرقس : ١٤ ـ ٢٧) ومع تصريحه عليهالسلام لتلاميذه بأنّه لا خبر صادق في أمره في ذلك الوقت ، فحينئذ لا يبقى شكّ في صحّة ما قاله القرآن الكريم في حقّه.
قوله تعالى : (ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِ).
الاستثناء منقطع ، والمراد من الظن في اصطلاح القرآن الكريم هو كلّ ما خالف الواقع ، كما أنّ المراد من العلم هو الاطمئنان ، وليس المراد منهما ما هو المعروف عند المنطقيين ، أي : ليس لهم ما يوجب اطمئنان النفس واليقين إلّا الحدس والتخمين.
قوله تعالى : (وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً).
الضمير يرجع الى عيسى عليهالسلام ، وفيه التأكيد لما سبق من نفي القتل والصلب عنه عليهالسلام وبعد أن أبطل مزاعمهم وأنّ كلّ ما قيل في شأنه هو ضرب من الحدس والتخمين ، بل هم في شكّ منه ، إذ لم يستندوا الى علم صحيح ولم يعتمدوا على حجّة قاطعة ، فيأتي القرآن الكريم ويضع الحدّ الفاصل في هذا الأمر المهمّ ، وأنّه ينفي القتل عنه يقينا ، وهو الخير اليقين الّذي ينبغي أن يعتمد عليه.
وقيل : إنّ الضمير في (قَتَلُوهُ) يرجع الى العلم ، والمراد من قتل العلم هو تمحيصه وتخليصه من شائبة الشكّ والريب ، وقيل : إنّه يعود الى الظن ، أي : ما قتلوا ظنهم يقينا ، أي : لم يثبتوا فيه. ولا يخفى بعدهما.