قوله تعالى : (بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ).
تقدّم ما يتعلّق بهذه الآية الشريفة ، في قوله تعالى : (إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَ) [سورة آل عمران ، الآية : ٥] ، ويستفاد من كلمة الاضرار أنّ الرفع إنّما كان بالبدن والروح ، لا بالأخير فقط كما يدّعيه بعض ، فإنّه تعالى بعد أنّ نفى القتل والصلب عن بدنه وأضرب عن جميع ما قيل في ذلك ، فأثبت له الحياة وأنّه تعالى رفعه بكليهما معا يقينا ، فلو خصّصنا الرفع بالروح فقط لما كان فيه فائدة جديدة ولم تكن ميّزة خاصّة لعيسى عليهالسلام ، إذ أنّ روح كلّ مؤمن إنّما يصعد بعد التوفّي والموت إليه عزوجل ، فيكون المراد من الرفع هو تخليصه من العذاب الّذي أزمع اليهود أن يوقعوه فيه ، ولكن لن يعرفه كيفيّة الرفع من نفس الآية الشريفة ، فلا بدّ من الرجوع الى السنّة المعصوميّة ، وقد ذكرنا ما يتعلّق بها في سورة آل عمران فراجع.
ويستفاد من الآية المباركة أنّ الرفع معجزة اخرى له عليهالسلام ، كسائر معجزاته ومعجزات سائر الأنبياء عليهمالسلام الّتي أثبتها لهم عزوجل ، ولا بدّ من التسليم بها وإن لم نعرف حقيقتها ، فلا يضرّ في هذه المعجزة الّتي أثبتها الكتاب العزيز له عليهالسلام أن لا نعرف حقيقة الرفع وكنهه بأي نحو كان ، والمناط كلّه على ما يسبق إليه الظاهر وما في السنّة الصحيحة الّتي وردت من المعصومين عليهمالسلام في تفسير الآيات الشريفة.
والآية الكريمة أوضح دلالة على أنّ عيسى عليهالسلام لم يمت فهو حي ، فتكون قرينة اخرى على آية سورة آل عمران فراجع آية ـ ٥٥ منها أيضا.
قوله تعالى : (وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً).
أي : يفعل الله ما يشاء ولا يغالب فيما يريده ، حكيم في أفعاله ومن حكمته أنّه أنقذ عبده عيسى عليهالسلام من أيدي اليهود وألقى الشبه على غيره وسيجزي كلّ عامل بعمله.
وفي الآية الشريفة التأكيد على ما ورد في الآيات السابقة في شأن عيسى عليهالسلام ، وفيها الدلالة على حفظه له من أيدي اليهود.