حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ) [سورة آل عمران ، الآية : ٩٣].
وفي تقديم (فَبِظُلْمٍ) على (حَرَّمْنا) للدلالة على الحصر ، أي : أنّ الله لم يحرّم عليهم شيئا من الطيبات إلّا بسبب مظالمهم الفجيعة ، وقد حكي عزوجل ما حرّم عليهم في قوله تعالى : (وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ) [سورة الانعام ، الآية : ١٤٧] ، وقد ورد في التوراة ذكر بعض ما حرّم عليهم من حيوانات البرّ والبحر أيضا.
والآية الشريفة تدلّ على أنّ كلّ معصية وظلم يصدر من الإنسان له أثر خاصّ به ، سواء كان دنيويّا أم اخرويّا أم يكون كلاهما معا ، ومن تلك الآثار أنّه يوقع صاحبه في شدّة من التكليف ، فإذا كان الظلم نوعيّا صادرا من الامة ، فإنّه يوجب رفع التوسعة عليهم ، ففي الحديث : «لا تكونوا كبني إسرائيل ، شدّدوا فشدّد الله عليهم».
قوله تعالى : (وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيراً).
عطف على قوله تعالى : (فَبِظُلْمٍ) المتكرّر وإعراضهم المستمر ، والصدّ الّذي هو من مظالمهم الفجيعة ، فقد صدّوا عن سبيل الله بعصيانهم لأحكام الله تعالى وتعليمات موسى عليهالسلام ومعاندتهم له وإعراضهم عن أنبيائه عزوجل وتكذيبهم لهم.
قوله تعالى : (وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ).
ظلم آخر من مظالمهم الشنيعة ، وهو يدلّ على هتكهم حرمات الله تعالى ، فإنّه عزوجل حرّم عليهم الربا كما حرّمه علينا ، ولكنّهم خالفوه وأخذوا الربا حتّى عرفوا به في مرّ التاريخ.
قوله تعالى : (وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ).
أي بسبب أكلهم أموال الناس بالوجه المحرّم ، كالرشوة والخيانة وغيرهما من وجوه الظلم.
قوله تعالى : (وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً).