السابع : يدلّ قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) على حياة السيد المسيح عليهالسلام وأنّه حي ، وهو في مكان بعيد عن متناول أيدي الكافرين والمعاندين ، وسينزل فيؤمن به أهل الكتاب الأحياء فتتّحد الأديان ، ولعلّ هذا هو المراد من قوله تعالى : (وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا) [سورة آل عمران ، الآية : ٥٥] ؛ لأنّ النصارى الّذين يدعون الإيمان به عليهالسلام قد أشركوا بالله العظيم وألّهوا المسيح وثلّثوا الآلهة فلم تبق لهم شريعة ، وأمّا اليهود فحالهم معروفة وقد حكى الله تعالى عنهم في مواضع متفرّقة ، فلم يبق من الّذين اتّبعوه على دين الحقّ سوى ملّة إبراهيم عليهالسلام ، وهم المؤمنون الموحدون حقّ التوحيد من قومه ومن بعدهم المسلمون بدعوة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فهؤلاء فوق الّذين كفروا مستمرين الى يوم القيامة وهو يكون شهيدا عليهم ، فيحكم على المؤمنين بإيمانهم وعلى الكافرين بكفرهم.
الثامن : يمكن أن يستفاد من قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) الرجعة الّتي هي رجوع بعض المؤمنين وبعض الكافرين عند ظهور مهدي هذه الامة [عجل الله تعالى فرجه الشريف] ، نظرا لعموم قوله تعالى : (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) الشامل للأحياء الموجودين حين نزول المسيح عليهالسلام وبعضا من غيرهم الذين ماتوا على الكفر.
وكيف كان ، فالرجعة هي من الأمور الّتي ثبتت بأدلّة كثيرة ، وسيأتي في الموضع المناسب تفصيل الكلام فيها إن شاء الله تعالى.
التاسع : يدلّ سياق قوله تعالى : (أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً) على أنّ سؤالهم الرؤية لم يكن لأجل الشوق ولا لألم الفراق ، ولا لزيادة اليقين ونحو ذلك من الصفات الحسنة والغايات المحمودة ، بل كان عن عناد ولجاج وطغيان.