هذه بعض الأدلّة العقليّة الّتي تدلّ على بطلان هذه العقيدة ، ولأجل ذلك ذهب بعض من المسيحيين الى أنّ هذه العقيدة وعقيدة التثليث لا تعقل ، وأنّ العمدة في إثباتهما النقل عن الكتب المقدّسة ، وحينئذ لا بدّ من النظر في ما استدلّوا به كما ذكرناه آنفا.
المناقشة في ما استدلّوا على الفداء
أمّا الدليل الأوّل وهو دعوى التواتر ، فهي مردودة ؛ لأنّ التواتر عبارة عن إخبار عدد كثير في كلّ طبقة ، ولا يحتمل فيهم تواطؤهم على الكذب ، قد أدرك الطبقة الاولى منهم الخبر عن حسّ وعيان لا شبهة فيه ، وإذا لاحظنا التواتر الّذي ادّعوه في إثبات هذه العقيدة نرى أنّه لا تتوفّر فيه الشروط ، فإنّ الطبقة الاولى لا تخبر عن الصلب مشاهدة ولا تستند عن حسّ وعيان ، بل تستند الى الّذين كتبوا الأناجيل ، وهم بعد عصر الصلب ولا يؤمن عليهم الاشتباه ؛ لأنّهم غير معصومين ولم يصل عددهم الى حدّ التواتر. مضافا الى ذلك أنّ جماعة من النصارى أنكروا الصلب وهم فرقة كبيرة منهم التاتوتسيون اتباع تاتيانوس تلميذ بوستينوس الشهيد. فلم يتوفّر الشرط الآخر من التواتر وهو إخبار كلّ طبقة عن سابقتها ، بحيث يؤمن عليهم الوهم والالتباس. فلا يمكن دعوى التواتر في هذه المسألة المهمّة.
وأمّا الدليل الثاني وهو ورود هذه القصة في جميع الأناجيل ورسائل العهد الجديد ، فيردّ عليه ..
أوّلا : أنّها لم تكن معصومة عن الخطأ والتحريف ، ولم يوجد دليل على نسبتها الى المعصوم.
وثانيا : أنّها معارضة بإنجيل برنابا الّذي ينكر الصلب قبل أن تصل إليه يد التحريف ، فلا ندري حال بقية الأناجيل.