العذاب من المؤمنين ، وفي بعض الأخبار أنّ موسى بن جعفر عليهالسلام دخل سجن هارون الرشيد وتحمّل من البلاء تفدية عن شيعته ودفع العذاب عنهم ، فالفداء بهذا المعنى صحيح بل هو من المكارم ولم ينكره أحد ، ولكنّه غير الفداء الّذي يدّعيه النصارى في رفع العذاب المستحقّ بسبب الذنوب والآثام ، فإنّ كلّ (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) [سورة النساء ، الآية : ١٢٣] ، إلّا أن يراد منه الشفاعة بضرب من التأويل ، ولكن لها شروط وحدود خاصّة ذكرناها في بحث الشفاعة ، فراجع.
ثمّ إنّ بعض المؤرخين ذكر أنّ لهذه القضية جذورا تاريخيّة ترجع الى ما قبل عصر عيسى عليهالسلام ، فقد وجدت في الأمم الوثنيّة ، قال : إنّ تصوّر الخلاص بواسطة تقديم أحد الآلهة ذبيحة فداء عن الخطيئة قديم العهد عند الهنود الوثنيين وغيرهم ، وذكر الشواهد على ذلك. منها : ما يعتقد الهنود أنّ كرشنا المولود الّذي هو نفس الآله فشنوا تحرّك حنوا كي يخلّص الأرض من ثقل حملها ، فأتاها وخلص الإنسان بتقديم ذبيحة منه» ، ومن أراد المزيد فليرجع الى كتب تأريخ الديانات.
الفرق بين الشفاعة والفداء
قد عرفت أنّ الفداء بالمعنى الّذي يقوله المسيحيون بالنسبة للسيد المسيح عليهالسلام لا يمكن قبوله لما يترتّب عليه من المحظورات العقليّة كما تقدّم.
وأمّا الشفاعة ، فقد ثبتت بالأدلّة العقليّة والنقليّة ، بل هي ممّا يأمله الخطاة الّذين عملوا السيئات وذوو الحاجات في الدارين ، وقد ذكرنا أنّ الشفاعة لها شروط خاصّة.
منها : أنّ الشفاعة إنّما تكون في الأعمال السيئة ، فلا شفاعة في العقائد الفاسدة لجهة من الجهات ، لا سيما إذا استلزمت الشرك بالله العزيز.
ومنها : أنّ الشفاعة إنّما تكون في حقوق الله تعالى ، وأمّا في حقوق الناس فلا بدّ فيها من التراضي عن صاحب الحقّ ، ولا تنفع الشفاعة بدون رضاه.