الإيمان ، فيكون لإقامة الصلاة شأن خاصّ في الرسوخ في العلم وتوفيقهم الى الإيمان وعنايته عزوجل بهم. واختلاف مفردات الخطاب في الإعراب أسلوب بلاغي رفيع ؛ لأنّه ينبّه الذهن الى التأمّل فيه ، ويهدي الفكر الى استخراج المزايا الّتي وردت في الكلام ، وله نظائر كثيرة في النطق كالتغيير في جرس الصوت ورفعه وخفضه ونحو ذلك ، وفي غير النطق أيضا ممّا استحدثت في هذه الأعصار.
وقيل : إنّها جملة مستأنفة منصوبة على المدح والاختصاص.
وقيل : إنّ «المقيمين» معطوف على المجرور قبله ، فيكون المعنى : يؤمنون بما انزل إليك ، وما انزل من قبلك على الرسل ، وبالمقيمين الصلاة وهم :
إمّا الأنبياء الّذين وصفهم الله عزوجل بإقام الصلاة ، قال تعالى : (وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ) [سورة الأنبياء ، الآية : ٧٣] ، أو المؤمنون الّذين أمرنا الله تعالى باتّباع سبيلهم ، قال تعالى : (وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَ) [سورة لقمان ، الآية : ١٥].
أو الملائكة الّذين حكى تعالى عنهم : (وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ* وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ) [سورة الصافات ، الآية : ١٦٥ ـ ١٦٦].
واعترضوا على القول السابق بأنّ النصب على المدح إنّما يكون بعد إتمام الكلام ، وهنا ليس كذلك لأنّ الخبر سيأتي.
والجواب عنه أنّه لا دليل على ذلك ، فيجوز الاعتراض بين المبتدأ والخبر ، فالنصب يجوز أن يكون لأجل مزيّة خاصّة ، فإذا قلت : مررت بزيد الكريم ، فإن أردت أن تعرف زيدا الكريم من زيد غير الكريم فالوجه الجرّ ، وإن أردت المدح والثناء فإن شئت نصبت ، وقلت : مررت بزيد الكريم ، كأنك قلت : اذكر الكريم. وإن شئت رفعت فقلت : الكريم على تقدير الكريم.
وقال بعضهم : إنّه معطوف على الضمير في «منهم» ، فيكون المعنى : لكن الراسخون في العلم منهم ومن المقيمين الصلاة.
وقال آخرون : إنّه معطوف على الضمير في «إليك».