الزكاة الّتي هي قرين الصلاة في القرآن الكريم.
وإنّما قدّم الصلاة عليها ؛ لأنّ الصلاة تزكّي النفوس وتعلي همّة الإنسان ، فيهون عليها بذل المال ، فإقامة الصلاة تستلزم إيتاء الزكاة دون العكس ، قال تعالى : (إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً* إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً* وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً إِلَّا الْمُصَلِّينَ) [سورة المعارج ، الآية : ١٩ ـ ٢٢].
قوله تعالى : (وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ).
عطف على «الراسخون» وبيان لوصف آخر وهو الإيمان بالمبدأ والمعاد ، فإنّ الإيمان الحقّ ما كان مشتملا على الإيمان بالمبدأ الواقعي ، وهو الله جلّ شأنه ، والإيمان بالمعاد ، والإيمان برسل الله تعالى الّذين أرسلهم لهداية البشر ، والإيمان بما جاء به الرسل من الحكمة والمعارف والتشريعات.
وقد وصف عزوجل إيمان الراسخين في العلم من أهل الكتاب بأوصاف جليلة تبيّن علوّ منزلتهم وكبر شأنهم ، فقد ذكر عزوجل أركان الإيمان المطلوب كما عرفت ، ووصف إيمانهم بأنّه إيمان علم ومعرفة وإذعان ، وهو من أعلى درجات الإيمان ، ولعلّه لأجل ذلك تكرّر لفظ «المؤمنون» في الآية المباركة تنويها لشرفهم.
قوله تعالى : (أُولئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً).
أي : أولئك الموصوفون بما ذكر من الأوصاف الجليلة الشأن سنعطيهم في الآخرة أجرا عظيما لا يوصف كنهه ولا يدرك حقيقته أحد إلّا الله تعالى ؛ لتناسب العطاء مع المعطي جلّ شأنه.
وقد أكّد عزوجل هذا الوعد بذكر (السين) وفخّمه بتنكير الأجر ، وبيّن أهميّته بذكره مقابل ما أوعدهم غيرهم من أهل الكتاب بالعذاب الأليم.
قوله تعالى : (إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ).
تعليل لما سبق ذكره في إيمان المستثنين ، وردّ على ما زعمه أهل الكتاب من الفرق بين أفراد الموحى إليهم ، فقد أنكروا نبوّة خاتم النبيين صلىاللهعليهوآله ، وطلبوا منه إنزال