وقيل : (تلووا) من لويت فلانا حقّه ليا إذا دفعته به ، والفعل (لوى) والمصدر (ليا).
وقرأ بعضهم (نزّل) و (انزل) في قوله تعالى : (وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ) بالضمّ ، وأما الباقون فقد قرءوا بالفتح فيهما.
بحث دلالي
تدلّ الآيات المباركة على امور :
الأوّل : يدلّ قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ) على أهميّة القسط وشرف العدل وعظيم أثره في حياة الإنسان الفرديّة والاجتماعيّة والدنيويّة والاخرويّة ، ويستفاد ذلك من الأمر بملازمة القسط في جميع الحالات وفي كلّ الشؤون ، حتّى تصير ملكة راسخة عند الفرد ، ويدلّ على أهميّة هذا الحكم أنّ الفعل فيه يدلّ على ملازمة القسط والثبات عليه ولم يقبل التخصيص والتقييد في مورد ، ومثل ذلك نادر في الأحكام الشرعيّة ؛ لأنّ القسط هو الصراط المستقيم والّذي يوصل سالكه إلى الكمال ، وأنّ به يتحدّد كلّ شيء وتتجلّى الحقيقة ، وفيه يتحقّق الصلح والطمأنينة ويصل كلّ فرد إلى ما يستحقّه. ويدلّ على أهميته أيضا ما ورد في الحديث عن نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله : «بالعدل قامت السموات والأرض».
وقد ذكر عزوجل أثرا مهمّا من آثار القيام بالقسط وهو الشهادة لله تعالى ، فإنّ القيام بالقسط يعدّ الإنسان إعدادا عقائديّا وعمليّا للوصول إلى مقام الشهادة لله تعالى وطرح جميع الأغيار ، فلا يكون متّهما ولا انتهازيا طالبا للجاه والنفوذ والمال يجرّ من شهادته النفع إليه ، فإنّ القسط هو الّذي أعدّه لذلك وجعله يطلب رضاء الله تعالى في جميع أموره ، ومنها الشهادة. وقد خصّها تعالى بالذكر ؛ لأنّ لها الأثر في تشريع الأحكام وتثبيت الحقوق وتحقيق الصلح ورفع النزاع.