خاصّ من علم الباري عزوجل العالم بحقائق الأمور ، وقد أبان فضله بأنّه ممّا يشهد عزوجل بذلك والملائكة يشهدون ، فإذا لم يشهد أحد بذلك ، فإنّ الله تعالى شهيد ، فصار للايحاء إليه صلىاللهعليهوآله مزيّة تفوق على الإيحاء إليهم.
وقد ذكر عزوجل في آخر الآيات المباركة حكم الّذين كفروا وصدّوا عن سبيل الله تعالى ، وعنّف في الكلام معهم وشدّد النكير عليهم ، وبيّن سوء حالهم يوم القيامة ؛ لأنّهم ضلّوا عن عناد ولجاج وكفر بعد وضوح الحجّة وأضلّوا غيرهم ، فكان عذابهم شديدا يناسب شناعة فعلهم.
والآيات الشريفة بمجموعها تبيّن أحوال المؤمنين والكافرين والمعاندين وتقابل بينهم في أوصافهم وجزاء أعمالهم ؛ ليكون عبرة لغيرهم.
بحث روائي
في الكافي بإسناده عن أبي جعفر عليهالسلام في حديث قال : «من الأنبياء مستخفين ، ولذلك خفي ذكرهم في القرآن ، فلم يسمّوا كما سمّي من استعلن من الأنبياء ، وهو قول الله عزوجل : (وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ) ، يعني : لم اسم المستخففين كما سميت المستعلنين من الأنبياء».
أقول : إخفاؤهم في القرآن لا يستلزم إخفاءهم في السنّة أو في التواريخ المعتبرة ، وعدم إظهاره في القرآن لأجل مصالح لا يعلمها إلّا هو.
وتقدّم الفرق بين الرسول والنبي ، فإنّ الأوّل يوحى إليه بواسطة جبرائيل ، بخلاف الثاني يوحى إليه بواسطة ملك آخر أو بنوع من الإلهام.
وفي الكافي أيضا بإسناده عن محمّد بن سالم عن أبي جعفر عليهماالسلام : «قال الله لمحمّد صلىاللهعليهوآله : (إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ) ، وأمر كلّ نبي بالأخذ بالسبيل والسنّة».