أقول : المراد من السبيل هو الدين الحنيف ، أي ملّة إبراهيم ، والمراد من السنّة هي الطريقة المتّبعة الخاصّة.
وفي تفسير العياشي في قوله تعالى : (إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ) عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام قال : «إنّي أوحيت إليك كما أوحيت الى نوح والنبيّين من بعده ، فجمع له كلّ وحي».
أقول : يحتمل في الرواية وجوه :
الأوّل : أنّ الوحي النازل عليه كالوحي النازل على سائر الأنبياء لا تفاوت فيه ، ويدلّ عليه ما تقدّم ، وما ورد عن ابن عباس قال : «قال مسكين وعدي بن زيد : يا محمّد ما نعلم الله أنزل على بشر من شيء بعد موسى عليهالسلام ، فأنزل الله في ذلك : (إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ)».
الثاني : أنّ الوحي النازل عليه صلىاللهعليهوآله أشرف وأكمل من الوحي النازل على غيره من الأنبياء ؛ لتشرّف الموحى إليه على سائر الأنبياء ، فمقتضى قاعدة التناسب والسنخيّة أن يكون وحيه كذلك ، ويدلّ عليه ذيل الرواية.
الثالث : أنّ المعارف الإلهيّة والأحكام الكليّة الّتي اوحيت الى سائر الأنبياء قد اوحيت إليك مع زيادة ، ويدلّ على ذلك بعض الآيات الشريفة ، مثل قوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) وغيره من الآيات المباركة.
الرابع : أنّ الوحي النازل عليه صلىاللهعليهوآله هو الوحي النازل على سائر الأنبياء عليهمالسلام بعينه في الأحكام جزئيّة وكلّية ، وهذا بعيد عن سياق الآيات الشريفة ولم يوافقه ظاهر الرواية.
وكيف كان ، فالرواية من باب التفسير للآية الكريمة.
وفي الكافي بإسناده عن النبي صلىاللهعليهوآله : «أعطيت السور الطوال مكان التوراة ، وأعطيت المئين مكان الإنجيل ، وأعطيت المثاني مكان الزبور ، وفضّلت بالمفصل ثمان وستين سورة».