وتضمّنت من الأحكام العمليّة الفرديّة والاجتماعيّة الّتي تجعل الامة المسلمة سعيدة ومطمئنة. وهذه السورة وإن طالت وتعدّدت موضوعاتها إلّا أنّها ذات وحدة شاملة تربط بين موضوعاتها بصورة واضحة ، ولها شخصيتها المميّزة وإن تشابهت موضوعاتها مع غيرها من السور.
التفسير
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ).
خطاب عامّ لجميع الناس ، فإنّه بعد وضوح الحجّة وظهور صدق الرسول صلىاللهعليهوآله وشهادة الله تعالى على نبوّته وما انزل إليه ، فقد صلحت الدعوة إلى كافّة الناس ولزمت الحجّة كلّ الأفراد لعموم رسالته صلىاللهعليهوآله.
وإنّما ذكر الرسول معرّفا ؛ لأنّه هو الرسول الكامل المعروف لدى أهل الكتاب الّذي بشّر به ، أو أنّه هو الّذي أقيمت الحجّة على صدقه وشهد تبارك وتعالى على بعثته آنفا ، وأنّه قد ذكر موصوفا بالرسالة لتأكيد وجوب طاعته ، وقد جاء بالحقّ من عند الله جلّ شأنه الّذي هو ربّكم ويريد من بعثته إليكم تربيتكم وإرشادكم الى الكمال اللائق بكم ، فهذا تأكيد آخر وترغيب للامتثال بعد الأمر بالإيمان به.
قوله تعالى : (فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ).
أي : إذا عرفتم ذلك وظهرت الحجّة لكم فآمنوا به ، فإنّ الإيمان خير لكم ؛ لأنّه يزكّيكم ويطهّركم من الذنوب والآثام ويؤهّلكم الى السعادة.
واختلف العلماء في إعراب هذه الآية المباركة ، وسيأتي في البحث الأدبي ما يتعلّق بذلك.
وفي الآية الشريفة الترغيب الى الإيمان وتحبيب الناس إليه ، فإنّ الإنسان بفطرته يسعى الى الخير ويطلبه في أي مورد كان.