عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) تخصيصا بعد تعميم بتجريد الخطاب وتخصيص له بالنصارى بعد معلوميّة حكم اليهود من الآيات السابقة ، ومثل ذلك كثير في القرآن الكريم وكلمات البلغاء.
قوله تعالى : (وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَ).
بيان لنفي الغلو في الدين ، وإرشادهم لهم بعدم نسبة أمر الى الله تعالى إلّا الحقّ ؛ لأنّه حقّ ولا يصدر منه إلّا الحقّ ، فيجب عليهم التماس الحقّ في جميع أمورهم.
والمراد من الحقّ هنا هو المعارف الإلهيّة والحقائق الواقعيّة والتشريعات الربوبيّة والتوجيهات السماويّة الّتي أنزلها عزوجل على أنبيائه العظام عليهمالسلام ، وثبتت في القرآن الكريم.
كما أنّ المراد من القول هنا الأعمّ من الاعتقاد والذكر اللساني ، أي : لا تعتقدوا ولا تذكروا إلّا الحقّ الثابت ، فليس لكم أن تزعموا في دينكم ما لم يقم عليه برهان وتنسبوه الى الله تعالى ، فتكون الآية الشريفة تمهيدا لنبذ ما زعموه في المسيح وإلزاما لهم بأنّهم أهل الكتاب ، فيجب عليهم قول الحقّ وابتغاؤه في جميع أمورهم ، فتدلّ الآية الكريمة على بطلان ما اعتقدوه في عيسى بن مريم من الحلول والاتّحاد وغير ذلك من الأباطيل.
قوله تعالى : (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ).
تخصيص بعد تعميم الخطاب لأهل الكتاب تطبيقا لما بيّنه عزوجل من نفي الغلو وعدم نسبة شيء إلى الله جلّ شأنه إلّا الحقّ ، والخطاب موجّه للنصارى الّتي غلت في المسيح عليهالسلام واعتقدت فيه الأباطيل.
والمسيح كلمة غير عربية قرئ مخفّفا ـ وهو المعروف ـ ومشدّدا بكسر الميم وتشديد السين كالسكّيت. ومعناه المبارك.
وإنّما صرّح عزوجل باسمه واسم الام ؛ للدلالة على كونه إنسانا مخلوقا تكوّن في رحم امرأة كأي إنسان آخر. وحينئذ لا يقبل التفسير والتأويل بأي