وجه كان ، وهي تدلّ على بطلان ما زعموه فيه من البنوّة له جلّ شأنه.
قوله تعالى : (رَسُولُ اللهِ).
بيان لشأن المسيح عنده عزوجل ، الّذي يجب أن يعتقدوه فيه عليهالسلام ، وهو الحقّ ، وغيره باطل لا يجوز نسبته إليه تعالى.
وهذه الصفة تدلّ على بطلان الألوهيّة في حقّه ، وإنّما قدّمها على ما سيأتي تعظيما لشأنه عليهالسلام ؛ ولبيان أنّ نفي الحلول والاتّحاد والبنوّة عنه لا يوجب الانتقاص منه ، فإنّه رسول الله ، ولعلّ الوجه في تأخيرها لبيان أنّه لا يخرج بالرسالة عن كونه إنسانا ، فهو فرد تولّد من رحم امرأة ويصيبه ما يصيب غيره من سائر أفراد الإنسان.
قوله تعالى : (وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ).
بيان للحقّ الّذي لا بدّ أن يقال على الله تعالى ، وردّ لما زعموه فيه من الألوهيّة والبنوّة بتوضيح خلق المسيح عيسى ابن مريم عليهالسلام.
والمراد من الكلمة هي كلمة «كن» الدالّة على التكوين بمحض قدرته التامّة وإرادته الفعليّة الّتي تعلّقت بخلق عيسى عليهالسلام ، وجملة : (أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ) تفسير لمعنى الكلمة.
والإلقاء : هو الطرح والإيصال ، ويستعمل في الأمور الماديّة والمعنويّة ، قال تعالى : (وَأَلْقَوْا إِلَى اللهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ) [سورة النحل ، الآية : ٨٧] ، وقال تعالى : (فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ) [سورة النحل ، الآية : ٨٦] ، وهو وإن كان مطلقا في المقام إلّا أنّه عزوجل بيّنه في موضع آخر أنّه كان بواسطة الملك على نحو البشارة ، قال تعالى : (إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) [سورة آل عمران ، الآية : ٤٥].
قوله تعالى : (وَرُوحٌ مِنْهُ).
الروح : لها معان متعدّدة ، ويجمعها أنّها من أمر الله تعالى ، قال عزوجل : (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) [سورة الإسراء ، الآية : ٨٥].