الكريم صلىاللهعليهوآله ، فمن أطاعه عزوجل فيهما فقد اعتصم به تعالى وحصّن نفسه من زيغ الشيطان ومكائده وشبهات أهل الضلال وأكاذيبهم.
وهذه الآية الشريفة تبيّن الجانب العملي من الإيمان ، فإنّ الاعتصام لا يتحقّق إلّا بالعمل بكتاب الله واتّباع رسوله العظيم صلىاللهعليهوآله ، وإطاعتهما حقّ الطاعة.
كما أنّ الآية المباركة الاولى تبيّن الجانب العقائدي ، وهو الإيمان بالله الواحد الأحد الّذي اتّصف بجميع صفات الكمال وتنزّه عن جميع صفات الجلال ، والّذي ليس كمثله شيء ، فاستجمع الإيمان ركيزتيه الّتي بهما يتمّ ، وهما العقيدة والعمل ، كما أكّد عزوجل عليهما في مواضع كثيرة في القرآن الكريم ، ولا فائدة في الإيمان الّذي فقد فيه إحداهما ؛ ولذا كان الجزاء عظيما بقدر عظمة الإيمان المطلوب.
قوله تعالى : (فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ).
بيان لجزاء المؤمنين الّذين آمنوا حقّ الإيمان ، بل إنّ ما ورد في هذه الآية المباركة آثار الإيمان الصحيح ، وهي الدخول في رحمة منه عزوجل وهي الثواب العظيم الّذي لا يعرف كنهه إلّا الله تعالى جزاء لإيمانهم وطاعتهم له عزوجل.
قوله تعالى : (وَفَضْلٍ).
هو الإحسان الزائد على الجزاء ، وهو أيضا لا يقدّر قدره ويمكن أن يكون بيانا ؛ لقوله تعالى آنفا : (وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ).
قوله تعالى : (وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً).
أثر خاصّ مترتّب على الاعتصام بالله تعالى كما بيّنه عزوجل في موضع آخر ، قال تعالى : (وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) [سورة آل عمران ، الآية : ١٠١] ، والهداية الى الصراط المستقيم من أعظم عنايات الله تعالى على من يشاء من خلقه ، وقد خصّ بها الأنبياء العظام عليهمالسلام والأولياء الكرام وبعض الخلّص من عباده.
والمراد بها التوفيق للطاعة والعبادة الّتي توصلانه الى الله تعالى ويبلغ بها