وقرئ (فَسَيَحْشُرُهُمْ) بكسر الشين كما قرئ : (فسنحشرهم) بنون العظمة ، وفيه التفات من الغيبة الى التكلّم.
وأمّا التفصيل في قوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) فقد وقع فيه الكلام ، فقيل : إنّه تفصيل للمجازاة لا الفريقين ، فلا حاجة الى المطابقة مع آخر الآية الكريمة الّتي قبلها ؛ لأنّ الجزاء لازم الحشر فبيّنه عقيبه. وردّه بعضهم بأنّ (اما) يدخل على الفريقين ، لا على قسمي الجزاء.
وقيل : إنّه لحشر الفريقين ، فحذف أحدهما لدلالة الآخر عليه ؛ ولأنّ الإحسان للمطيعين العابدين يعمّ الفريق الآخر ، فكان داخلا في التنكيل بهم.
وقوله تعالى : (فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ) ، فإن كان المراد من الرحمة الثواب فيكون تجوّزا في الجار ، لتشبيه عموم الثواب وشموله بعموم الظرف ، وإن كان المراد منها الجنّة ، فيكون تجوّزا في المجرور دون الجار.
ولكن لا فائدة في هذا النزاع ، فإنّ كليهما يدلان على العموم والشمول ، وإنّ الجار للظرفيّة.
وأمّا «صراطا» في قوله تعالى : (صِراطاً مُسْتَقِيماً) إمّا منصوب على أنّه مفعول ثان لفعل محذوف مقدّر ، أي : يعرفهم ، أو مفعول ثان ليهديهم لتضمّنه معنى يعرفهم.
وقيل : إنّ الهداية تتعدّى إلى مفعولين حقيقة ، فلا حاجة الى التضمين.
وقيل : إنّه بدل من (إليه) المتعلّق بمقدّر ، أي مقرّبين إليه.
بحث دلالي
تدلّ الآيات الشريفة على امور :
الأوّل : يدلّ قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ) على أنّ ما جاء به الرسول صلىاللهعليهوآله هو الحقّ الّذي يجب الاعتقاد والعمل به ،