الأوّل : كونه مولودا ومتكوّنا في رحم امرأة ومنسوبا إليها ، وينزّه الإله عن أن يكون كذلك ، ويدلّ عليه قوله تعالى : (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) ، فإنّ المسيح مولود من امرأة ومنسوب إليها.
الثاني : أنّه مخلوق حادث وكان خلقه لأجل تعلّق الأمر به ، يدلّ عليه قوله تعالى : (وَكَلِمَتُهُ) ، والخلق والحدوث من صفات المخلوقين دون الإله العظيم القدير.
الثالث : أنّه مركّب من بدن مثالي خارجي تكوّن في الرحم ، وروح قدسيّة أفاضها الله تعالى عليه في غاية النزاهة والطهارة ، وهي مخلوقة من أمر الله تعالى ، والتركّب من صفات المخلوق الحادث ، وينزّه الإله العظيم عنه ، ويدلّ عليه قوله تعالى : (وَرُوحٌ مِنْهُ).
والحاصل : أنّ عيسى عليهالسلام ليس إلّا عبدا كسائر العبيد ، أنعم الله تعالى عليه حيث جعله آية ، بأنّه خلقه من غير أب كما خلق آدم عليهالسلام كذلك ، وشرّفه بالنبوّة ، وصيّره عبرة عجيبة ، قال تعالى في شأنه : (إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ) [سورة الزخرف ، الآية : ٥٩].
وقد دلّت الآية الشريفة على قدسيّة المسيح عيسى بن مريم ومكانته العالية ، حيث كان موردا للفيض والإفاضة ، وقد اختاره الله تعالى رسولا هاديا ولا يمكن أن يكون الاتّحاد والحلول فيه ، فهذه الآية الشريفة بايجازها البليغ تضمّنت من البراهين العقليّة ما يدلّ على نفي كلّ ما قاله النصارى في المسيح من الألوهية والحلول والاتّحاد ، وكونه ابنا له جلّ شأنه.
السابع : يدلّ قوله تعالى : (إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) على التوحيد ونفي الشرك ، ونفي ولدية المسيح له عزوجل ، وقد أشار تعالى إلى أمر فطري ، وهو أنّ الإله الّذي يستحقّ العبوديّة والتعظيم يجب أن يكون مستجمعا لجميع صفات الكمال ومنزّها عن كلّ النقائص ، ولا يعقل أن يكون متعدّدا وإلّا استلزم الخلف ، ويدلّ عليه قوله