وكيف كان ، فالرواية من باب التطبيق وذكر أكمل الأفراد وأجلّها ، لا من باب التخصيص كما هو واضح ، وقد فسّر النور بالكتاب أيضا ، وذلك من باب التطبيق أيضا.
بحث عقائدي
الآيات المباركة المتقدّمة من جلائل الآيات الّتي نزلت في شأن المسيح عيسى بن مريم عليهالسلام الّذي اختلف فيه اختلافا كبيرا ، فقد أبغضته اليهود حتّى رموه بما لا يليق بشأنه ، وقدّسته النصارى حتّى ادّعوا فيه الألوهيّة وأنّه ابن الله وهو ثالث ثلاثة وكلا الفريقين غلوا في دينهم كما حكي عزوجل عنهما في القرآن الكريم ، لا سيما هذه السورة المباركة ، وأمرهم باتّباع الحقّ في عقائدهم وأقوالهم ونهاهم عن الغلوّ في الدين ؛ لأنّ الإيمان بأنبياء الله تعالى ـ بكونهم رسلا مبشّرين ومنذرين ، وأنّهم عباد مكرّمون خصّهم الله عزوجل بالفيض ـ أحد أركان الإيمان المطلوب ، قال تعالى : (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) [سورة البقرة ، الآية : ٢٨٣].
وقد أشار سبحانه وتعالى في هذه السورة الى بعض ما اعتقده النصارى في المسيح ، وخصّ بالذكر مسألة الصلب والفداء وبيّن الحقّ فيها ، ومسألة ألوهيته وأنّه ثالث ثلاثة ونهاهم عن القول فيها فضلا عن الاعتقاد بها ، وإنّما خصّهما بالذكر لأهمّيّتهما في دينهم ، ولأثرهما العميق في عقيدتهم ، ولدلالتهما على بعدهم عن الحقيقة والواقع ، وشهادتهما على تحريفهم لكتبهم المقدّسة ، ونهاهم عن قول ما يوجب الانحراف عن الواقع والإعراض عن ما أنزله الله تعالى. وقد ذكرنا في أحد المباحث السابقة بعض ما يتعلّق بمسألة الصلب والفداء ، وتعرّضنا لما ذكره المسيحيون فيها وناقشناهم فيها فراجع.