وفي الآيات الّتي تقدّم تفسيرها يبيّن عزوجل جملة من الصفات الكماليّة والجماليّة.
منها : أنّه إله واحد ؛ لأنّه الله المستجمع لجميع الصفات الكماليّة ، قال تعالى : (إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ) ، فليس له شريك ولا نظير ولا ولد.
ومنها : أنّه مالك لما في السموات وما في الأرض ـ خلقا وتدبيرا وتصريفا وإبقاء وإفناء ـ فهو الغني عن خلقه وهم محتاجون إليه ولا يحتاج الى معين أو ولد ، ويدلّ على ذلك آيات كثيرة أيضا.
ومنها : أنّه الولي على خلقه يدبّر شؤونهم والقيّم عليهم ؛ فإذا كان الله تعالى واجدا لهذه الصفات الكريمة فلا يحتاج الى ولد ، وهو منزّه عن أن يكون له ولد ؛ لدلالته على احتياجه واتّصافه بصفات المخلوقين ، ولا يعقل الإله أن يكون كذلك. وقد تقدّم في التفسير ما يتعلّق بذلك أيضا فراجع ، فإذا ادّعى أحد الألوهيّة ، فهو يرجع إمّا إلى تنزيل مقام الألوهيّة الى مقام الخلق ، وهو خلف. وإمّا رفع المخلوق الى مقام الخالق الإله ، وهذا أيضا باطل.
المسيح في القرآن الكريم :
عظّم القرآن المجيد الإنسان وأسمى شأنه وميّزه من سائر مخلوقاته وأعزّ به ، فقال جلّ شأنه : (فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) [سورة المؤمنون ، الآية : ١٤] ولم يعظم سائر مخلوقاته بمثل ما عظّم هذا المخلوق العجيب الّذي منحه العقل والإرادة ، وأودع فيه الأمانة الكبرى الّتي أبت السماوات والأرض أن يحملنها وأشفقن منها فحملها الإنسان ، إنّه كان ظلوما جهولا.
وقد خصّ بعض أفراد الإنسان بالفيض وجعلهم مورد الاستفاضة ، وهم الأنبياء الّذين أرسلهم الله تعالى لهداية البشر ، وأنزل إليهم الكتاب وفيه تبيان كلّ شيء ، واصطفى من الأنبياء بعضا فخصّهم ببعض الفيوضات الخاصّة. منهم عيسى