في بعض مراحله ، قال تعالى : (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) ، وتعالى الله أن يكون محدودا ومحلا للحوادث كما عرفت.
ومنها : أنّه مركّب من بدن مثالي خارجي وروح قدسيّة صارت مورد الفيض ، قال تعالى : (وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ) على ما تقدّم في التفسير ، والإله منزّه عن التركيب لدلالته على الاحتياج.
ومنها : أنّه رسول الله تعالى تحمّل الأمانة الكبرى الى الناس يجب عليه تبليغها إليهم ، ولا ريب أن جميع ذلك ينافي الألوهيّة ، والولديّة لله ، تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
المسيح في عقيدة النصارى :
لم يكن المسيح عيسى ابن مريم عليهالسلام فردا عاديا كسائر الأفراد من بني البشر ، فقد خصّه الله تبارك وتعالى بالكرامة بأن خلقه من غير أب وجعله مورد الفيض القدسي ، وأجرى على يديه المعجزات الباهرات ، فكانت حياته من حين انعقاد حمله الى رفعه الى السماء معجزة إلهيّة. ولا ريب في ثبوت ما له عليهالسلام من الشرف والمكانة السامية عند المسلمين والمسيحيين على حدّ سواء ، فهم جميعا يحترمونه ويجلّونه ويقدّسونه ، إلّا أنّ مثل هذا الفرد لا يسلم من التقوّل عليه بما هو خارج عن حقيقته ، والغلو فيه وإخراجه عن طور الإنسانيّة والعروج به إلى مقام الألوهيّة ، كما حكى عزوجل في الآيات الشريفة السابقة ، قال تعالى : (يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَ) [سورة النساء ، الآية : ١٧١] ، وقد كان هذا النبي العظيم ملتفتا إلى هذه الجهة في حياته على الأرض ، فكانت أفعاله وأقواله تدلّان على أنّه إنسان ولد من أنثى وهي مريم العذراء ، وأنّه يبقى برهة من الزمن على هذه الأرض ثم يموت كما يموت سائر المخلوقات ، وأنّه