الثالث : ذيل الرواية محمول على ما إذا كان الحكم الّذي يحكمه الحاكم مخالفا للواقع ، ولا يصل الحقّ إلى صاحبه ، أو يستلزم ضررا على المشهود عليه.
وفي تفسير علي بن إبراهيم : «انّ الله أمر الناس أن يكونوا قوامين بالقسط ـ أي بالعدل ـ ولو على أنفسهم أو على والديهم أو على أقاربهم ، وقال أبو عبد الله عليهالسلام : إنّ للمؤمن سبع حقوق ، فأوجبها أن يقول الرجل حقّا ولو كان على نفسه أو على والديه فلا يميل لهم عن الحقّ ، ثم قال : (فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا) يعني الحقّ».
أقول : ظهر ممّا تقدّم الوجه في هذه الرواية ، ويستفاد منها التعميم في معنى الشهادة لإظهار كلّ حقّ وبأي وجه كان ، وأنّ المراد من الحقّ الأعمّ من الوضعي الشرعي أو التكليفي أو المجاملي ، وأنّ الشهادة في الأموال والأنفس واجبة شرعا وجوبا كفائيا لو كانت بعد الطلب والاستشهاد ، وإلّا فلا.
وعن الطبرسي في المجمع عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام في قوله تعالى : (إِنْ تَلْوُوا) أي : تبدّلوا الشهادة ، (أَوْ تُعْرِضُوا) أي : تكتموها ، (فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً).
أقول : التبديل أعمّ من التحريف والتغيير أو الاسقاط ـ كما تقدّم في التفسير ـ والكتمان أعمّ من جميعها أو بعضها ، والرواية من باب ذكر بعض الأفراد.
وفي تفسير علي بن إبراهيم في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) يعني : يا أيها الّذين آمنوا أقرّوا وصدّقوا.
أقول : يعني أقرّوا بالله تعالى ، وصدّقوا رسوله ، ومعنى تصديق رسوله العمل بما جاء به من الأحكام بعد الإيمان بالله العظيم ، وإلّا فلا يكون تصديقا حقيقيّا.
وعن البيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) قال : «أمر الله المؤمنين أن يقولوا بالحقّ ولو على أنفسهم ، أو آبائهم ، أو أبنائهم ، لا يحابوا