السبب في ذلك هم اليهود الّذين عرفوا ببغضهم لهذا الدين ، فادخلوا فيه هذه العقيدة لهدمه ، وكانت لهم أساليب متعدّدة.
وذكر بعضهم أنّه لما وقعت الحرب بينهم وبين اليهود خرج رجل يقال له بولس ، فقتل جماعة من أصحاب عيسى عليهالسلام ، فاحتال لأن يفرّق جمعهم ويشتّت شملهم فأوقع فيهم الخلاف وأضلّهم بهذه العقيدة ، على ما هو المذكور في كتب التأريخ.
وقيل : إنّ السبب هو نقل المتنصّرين الّذين دخلوا في النصرانيّة عقائدهم البدائيّة الوثنيّة ، فأوّلوا آيات التوحيد وأدخلوا التحريف والتأويل فيها ، وتدلّ عليه شواهد كثيرة ؛ لأنّ النصرانيّة كانت محاطة بأمم تتّخذ التثليث عقيدة لهم ، منهم البراهمة ؛ ومنهم البوذائيين ، ومنهم قدماء المصريين ، ومنهم الرومان ، فقد تأثّرت النصرانيّة بعقائدهم. وقيل غير ذلك ، فراجع كتب تأريخ الأديان والعقائد والله العالم.
بحث فقهي :
اختلف الفقهاء (قدس الله تعالى أسرارهم) في نجاسة الكافر الكتابي وطهارته ، كما أنّهم اتّفقوا في نجاسة المشركين من الكفّار بالأدلّة المقرّرة ، وإنّ المسألة بجوانبها محرّرة في الفقه مفصّلا.
وبناء على طهارة الكتابي ـ كما ذهب إليها جمع من الفقهاء ـ فهل تشمل الأدلّة الدالّة على نجاسة الكفّار من المشركين الكتابي أيضا ؛ لقوله تعالى : (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ) ـ الى أن قال تعالى ـ (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلَّا هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) [سورة التوبة ، الآية : ٣٠ ـ ٣١] ، وقوله تعالى : (وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً